وفي رواية أخرى له "قالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا؟ -أي اتخذنا دهنا من شحومها- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعلوا".
(فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا) الفاء في "فأمر" عاطفة على محذوف أظهرته رواية مسلم في كتاب الإيمان ولفظها "فجاء عمر فقال: يا رسول الله إن فعلت قل الظهر ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع الله لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم". فأمر .. إلخ والمأمور به محذوف تقديره: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع المزاود وفي رواية أخرى لمسلم "قال عمر: يا رسول الله لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوت الله عليها؟ قال: ففعل" أي فوافق على الفعل وفي رواية للبخاري "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناد في الناس يأتون بفضل أزواد".
(فجمعنا مزاودنا) قال النووي: هكذا هو في بعض النسخ أو أكثرها وفي بعضها "أزوادنا" والزاد يجمع على أزواد قياسا وأزودة على غير قياس والمزود بكسر الميم وسكون الزاي وفتح الواو وعاء الزاد وجمعه مزاود والمراد من جمع المزاود جمع ما فيها أو المعنى جمعنا مزاودنا فأفرغنا ما فيها.
(فبسطنا له نطعا) "له" أي للرسول صلى الله عليه وسلم أو للشيء الذي في المزاود وهذا الخير أولى والنطع فيه أربع لغات مشهورة فتح الطاء وسكونها مع كسر النون وفتحها وهو ما يبسط على الأرض لوضع الطعام عليه وكان غالبه من خوص النخل وفي رواية لمسلم في كتاب الإيمان "فدعا بنطع فبسطه -أي أمر ببسطه- ثم دعا بفضل أزوادهم" ولعله أمر بالنداء في الناس ليجمعوا ما عندهم ثم بسط النطع ثم دعا بوضع فضل الأزواد عليه.
(فاجتمع زاد القوم على النطع) وفي رواية لمسلم قال أبو هريرة: "فجاء ذو البر ببره وذو التمر بتمره وذو النواة بنواه قال مجاهد. قلت: وما كانوا يصنعون بالنوى؟ قال: كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء".
(قال -سلمة-: فتطاولت لأحزره. كم هو؟ ) أي رفعت رأسي ورقبتي ووقفت على أصابع قدمي لأرى الكومة وأقدر كميتها وأنا خلف بعض الناس يقال: حزر الشيء حزرا أي قدره بالتخمين، فهو حازر.
(فحزرته كربضة العنز) أي فقدرته كمكان مبرك العنز أو كالعنز وهي رابضة وربضة بفتح الراء في الرواية كما قال القاضي وحكاه ابن دريد بكسرها وفي رواية لمسلم "فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة".
(فأكلنا حتى شبعنا جميعا) أي الألف والأربعمائة رجل وفي رواية لمسلم "فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة" وفي رواية للبخاري "فدعا وبرك عليه ثم دعاهم بأوعيتهم فاحتثى الناس أي أخذوا حثية -حتى فرغوا" والظاهر أن بعضهم أخذ من الكومة بوعائه وبعضهم أخذ منها بكفيه فأكلوا حتى شبعوا.