-[فقه الحديث]-
يتعلق باللقطة وهذه الأحاديث مسائل فقهية:
الأولى: حكم أخذ اللقطة من مكان وجودها وفي ذلك يقول النووي: فيه مذاهب عند أصحابنا الشافعية أصحها أنه مستحب ولا يجب. والثاني: يجب والثالث: إن كانت اللقطة في موضع يأمن عليها إذا تركها استحب الأخذ وإلا وجب. اهـ.
والذي تستريح إليه النفس أنه إن كان الملتقط معرضا للهلاك أو الفساد أو الإفساد وكان هذا الشخص متعينا أو نادرا ما يمر غيره وجب أخذها لأن الله لا يحب المفسدين وإن كان الملتقط آمنا مأمونا يغلب على الظن عودة صاحبه إليه فلا يجوز أخذها وإن كان غير ذلك جاز أو استحب حسب ظروف الملتقط والآخذ والصاحب.
النقطة أو المسألة الثانية: التعريف قالوا: إذا أخذها وجب عليه أن يعرفها سنة على الأقل بإجماع المسلمين إذا كانت اللقطة ليست تافهة ولا في معنى التافهة ولم يرد حفظها على صاحبها بل أراد تملكها قال النووي: ولا بد من تعريفها سنة بالإجماع فأما إذا لم يرد تملكها بل أراد حفظها على صاحبها فهل يلزمه التعريف؟ فيه وجهان لأصحابنا: أحدهما لا يلزمه بل إن جاء صاحبها وأثبتها دفعها إليه وإلا دام حفظها والثاني: وهو الأصح: أنه يلزمه التعريف لئلا تضيع على صاحبها فإنه لا يعلم أين هي؟ حتى يطلبها فوجب تعريفها. اهـ.
ولعل القول الأول يعتمد على أن صاحبها سينشدها وسيعلن عنها فهو أحق بالبحث عنها ممن وجدها.
وأما الشيء الحقير فيجب تعريفه زمنا يظن أن فاقده لا يطلبه في العادة أكثر من ذلك الزمان وفي حديث أبي بن كعب روايتنا الثامنة أنه صلى الله عليه وسلم أمر بتعريفها ثلاث سنين وفي رواية سنة وفي رواية أن الراوي شك قال: لا أدري؟ أقال حولا أو ثلاثة أحوال وفي رواية "عامين أو ثلاثة" قال القاضي عياض: قيل في الجمع بين الروايات قولان. أحدهما: أن يطرح الشك والزيادة ويكون المراد سنة في رواية الشك وترد الزيادة لمخالفتها باقي الأحاديث والثاني أنهما قضيتان فروايات زيد في التعريف سنة محمولة على أقل ما يجزئ ورواية أبي بن كعب "ثلاث سنين" محمولة على الورع وزيادة الفضيلة. قال: وقد أجمع العلماء على الاكتفاء بتعريف سنة ولم يشترط أحد تعريف ثلاثة أعوام إلا ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولعله لم يثبت عنه وقد يحمل ذلك على عظم اللقطة وحقارتها وجزم ابن حزم وابن الجوزي بأن هذه الزيادة غلط قال: والذي يظهر أن سلمة أخطأ فيها ثم تثبت واستذكر واستمر على عام واحد ولا يؤخذ إلا بما لا يشك فيه راويه وقال ابن الجوزي: يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم عرف أن تعريف أبي لم يقع على الوجه الذي ينبغي فأمره بإعادة التعريف كما قال للمسيئ صلاته "ارجع فصل فإنك لم تصل" قال الحافظ ابن حجر: ولا يخفى بعد هذا على مثل أبي مع كونه من فقهاء الصحابة وفضلائهم وقد حكى صاحب الهداية من الحنفية رواية عندهم أن