3947 - عن همام بن منبه رضي الله عنه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اشترى رجل من رجل عقارا له فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب. فقال له الذي اشترى العقار خذ ذهبك مني إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب. فقال الذي شرى الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها. قال: فتحاكما إلى رجل فقال الذي تحاكما إليه ألكما ولد؟ فقال: أحدهما لي غلام. وقال الآخر: لي جارية. قال: أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسكما منه وتصدقا".
-[المعنى العام]-
رأينا في الباب السابق صورة من التنازع على ما ليس بحق ونرى في هذا الحديث صورة من الورع عن أخذ ما هو بحق وهكذا نجد الإنسانية تنحرف بها الأهواء نحو الظلم والافتراء والبغي تارة وينحو بها الضمير والروح نحو السمو والعلو والترفع والرقي والأمانة الغالية تارة أخرى.
رجلان يبيع أحدهما للآخر دارا بمبلغ من المال قبضه وسلمه الدار وأراد المشتري هدم جدار في الدار فوجد تحته جرة فيها كمية كبيرة من الذهب فذهب المشتري للبائع يقول له: تعال فخذ الجرة وما فيها من ذهب فإنها حقك وملكك لأنني اشتريت منك الدار ولم أشتر منك جرة فيها ذهب قال له البائع ليست الجرة حقي فأنا لم أدفنها ولم أعلم عنها شيئا وقد بعتك الدار وما فيها أرضها ومبانيها وما عساه يكون بداخلها.
فكان لا بد من حكم يقضي من يستحق جرة الذهب فاتجها إلى حكم وعرضا عليه القضية وتحير الحكم لكل من الخصمين وجهة نظر وهما مشكوران على إيثارهما وورعهما وبالغ أمانتهما ومن كان كذلك استحق التقدير والجزاء ماذا يفعل هذا الحكم؟ أيقسم الذهب بينهما؟ وما حيثيات هذا الحكم؟ إذن فليلجأ إلى وسيلة يكافأ بها الرجلان على ورعهما بطريق غير مباشر فسألهما عن أولادهما فوجد أحدهما عنده ولد ووجد الآخر عنده بنت فطلب منهما أن يزوجا الولد للبنت وأن يصرف من المال على العرس وأن يعطي العروسان ما يبقى ينفقان منه حياتهما.