حكم بغير السنة جهلا أو غلطا يجب عليه الرجوع إلى حكم السنة وترك ما خالفها امتثالا لأمر الله تعالى بإيجاب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والإشارة لتأكيد المراد.
والأصل في الإحداث الابتداع والابتداء بالشيء وإنشاؤه على غير مثال سابق فالمعنى من اخترع في الدين مالا يشهد له أصل من أصوله فلا يعتد به ولا يلتفت إليه.
وفي الرواية الثانية "من عمل عملا ليس عليه أمرنا" فعمم العمل بغير السنة سواء كان محدثا له مخترعا له لأول مرة أو كان مسبوقا به ومن هنا قال النووي: وفي الرواية الثانية زيادة وهي أنه قد يعاند بعض الفاعلين في بدعة سبق إليها فإذا احتج عليه بالرواية الأولى يقول: أنا ما أحدثت شيئا -فعله قبلي فلان فلست محدثا فلا أدخل فيه ولا يحتج به عليه بالثانية التي فيها التصريح برد كل المحدثات سواء أحدثها الفاعل أو سبق بإحداثها. اهـ.
وقوله "رد" معناه مردود من إطلاق المصدر على اسم المفعول مثل الخلق يطلق على المخلوق كأنه قال: فهو باطل ولا يعتد به ولا يعتد بالثمرات المترتبة عليه.
-[فقه الحديث]-
قال الطرقي: هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع لأن الدليل يتركب من مقدمتين وهذا الحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لأن منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم مثل أن يقال في الوضوء بماء نجس: هذا ليس من أمر الشرع وكل ما كان كذلك فهو مردود فهذا العمل مردود فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث ومفهوم الحديث أن من عمل عملا عليه أمر الشرع فهو صحيح فحديث الباب نصف أدلة الشرع.
وقال النووي: هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات. اهـ. أي في الدين.
وقد ذكره مسلم تحت كتاب الأقضية كمستدل به على رد الحكم الصادر من القاضي جهلا أو غلطا إذا خالف حكم السنة وقد ترجم البخاري ترجمة مساوية لهذا الحديث في كتاب الأحكام فقال (باب إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد) لكنه لم يذكر هذا الحديث تحت هذه الترجمة. وذكر قصة خالد بن الوليد مع الأسرى وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد مرتين".
وذكر البخاري حديثنا تحت ترجمة (باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ من غير علم فحكمه مردود). قال الكرماني: المراد بالعامل عامل الزكاة وبالحاكم القاضي وقوله "فأخطأ" أي في أخذ واجب الزكاة أو في قضائه قال الحافظ ابن حجر: على تقدير ثبوت هذه الرواية التي أخذ منها البخاري ترجمته فالمراد بالعالم المفتي أي أخطأ في فتواه.
وذكر البخاري حديثنا أيضا في كتاب الصلح تحت (باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود).