عادلة) فإذا حكم بشهادتهم فقد امتثل ما أمر الله فلو قلنا: لا ينفذ في باطن الأمر للزم إبطال ما وجب بالشرع وصيانة الحكم عن الإبطال مطلوبة.
ورد هذا من وجوه: أولا: صيانة الحكم عن الإبطال مطلوبة إذا صادف حجة صحيحة.
ثانيا: لسنا في مسألة الحكم وإثم القاضي وإنما نحن في التنفيذ ولا يلزم من حكم الحاكم التنفيذ الفعلي في باطن الأمر فالرسول صلى الله عليه وسلم إذا قضى لامرئ بحق امرئ لا إثم عليه ومع ذلك فالتنفيذ قطعة من النار فكيف يباح للمنفذ أن يأخذها وهو يعلم حقيقتها.
ثالثا: أن أبا حنيفة يقع في هذه الاعتراضات حين يقول بعدم التنفيذ في الأموال فهو لم يصن الحكم عن الإبطال وأبطل ما وجب بالشرع.
ج- وقال أيضا تبريرا لهذا الحكم: لو حكم الحاكم بالطلاق بناء على شهادتي زور فتزوجت رجلا غيره لو لم ينفذ هذا الحكم باطنا لبقيت حلالا للزوج الأول باطنا وللثاني ظاهرا ولو ابتلي الثاني بمثل ما ابتلي به الأول وحكم بالطلاق منه بناء على شاهدي زور حلت للثالث وهكذا فتحل لجمع متعدد في زمن واحد.
ورد بأن هذا إلزام بما لا يقال من الذي أباح لها أن تتزوج الثاني بناء على حكم الحاكم؟ وهي وزوجها الثاني يعلمان أنه زور؟ إنهما إذا علما أن الحكم ترتب على شهادتي زور واعتمدا على هذا الحكم وتعمدا الدخول فقد ارتكبا المحرم كما لو كان الحكم بالمال فأكله ولو ابتلي الثاني كان الحكم كذلك بالنسبة للثالث وهكذا فكانوا كما لو زنوا ظاهرا واحدا بعد واحد.
د- وأخيرا قال: إن الحديث صريح في المال وليس النزاع فيه.
ورد بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولفظ الحديث عام "فمن قضيت له بحق مسلم" والحق يكون في الأموال وفي النكاح وغيرهما.
والحق أن هذا القول جدير بالتشنيع وليس قائله معصوما من الخطأ. والله أعلم.
2 - ويؤخذ من الحديث أيضا إثم من خاصم في باطل حتى استحق به في الظاهر شيئا هو في الباطن ليس حقا له.
3 - وإثم من احتال لأمر باطل بأي وجه من وجوه الحيل.
4 - وفيه أن المجتهد قد يخطئ فيرد به على من زعم أن كل مجتهد مصيب.
5 - وفيه أن المجتهد إذا أخطأ لا يلحقه إثم بل يؤجر على بذل الجهد.
6 - وأن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقضي بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه شيء قال الحافظ ابن حجر: وخالف في ذلك قوم وهذا الحديث من أصرح ما يحتج به عليهم.