3 - ومن قول علي رضي الله عنه في الرواية الرابعة "وكل سنة" أن فعل الصحابي سنة، يعمل بها، وهو موافق لقوله صلى الله عليه وسلم "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ" قاله النووي.
4 - وفي هذا دليل على أن عليًا رضي الله عنه كان معظمًا لآثار عمر، وأن حكمه وقوله سنة، وأن أمره حق، وكذلك أبو بكر - رضي الله عنهم جميعًا - وهذا يخالف ما عليه الشيعة.
5 - استدل بقول علي رضي الله عنه في الرواية الخامسة "إلا صاحب الخمر، لأنه إن مات وديته" على أن من وجب عليه الحد، فجلده الإمام أو جلاده الحد الشرعي، فمات، فلا دية فيه، ولا كفارة، لا على الإمام، ولا على جلاده، ولا في بيت المال، وأما من مات من التعزير فمذهب الشافعية وجوب ضمانه بالدية والكفارة، وفي محل ضمانه قولان للشافعي، أصحهما: تجب ديته على عاقلة الإمام، والكفارة في مال الإمام، والثاني تجب الدية في بيت المال، وفي الكفارة وجهان، في بيت المال، أو في مال الإمام. وقال جماهير العلماء: لا ضمان فيه، لا على الإمام، ولا على عاقلته، ولا في بيت المال.
أما من مات في حد الخمر فمذهب علي رضي الله عنه واضح وصريح، وقال الشافعي: إن ضرب بغير السوط فلا ضمان، وإن جلد بالسوط ضمن، قيل: الدية، وقيل: قدر تفاوت ما بين الجلد بالسوط وبغيره، والدية في ذلك على عاقلة الإمام، وكذلك لو مات فيما زاد على الأربعين.
6 - وقد يستدل بالرواية الأولى والرابعة، وبما رواه البخاري عن عقبة بن الحارث قال: "جيء بالنعيمان شاربًا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان في البيت أن يضربوه. قال فضربوه، فكنت أنا فيمن ضربه بالنعال" قد يستدل بذلك على جواز إقامة الحد في البيت، خلافًا لمن قال: لا يضرب الحد سرًا، وقد ورد عن عمر في قصة ولده أبو شحمة، لما ضرب بمصر، فحده عمرو بن العاص في البيت، أن عمر أنكر عليه، وأحضره إلى المدينة، وضربه الحد جهرًا، روى ذلك ابن سعد، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عمر مطولاً. قال الحافظ ابن حجر: وجمهور أهل العلم على الاكتفاء، وحملوا صنيع عمر على المبالغة في تأديب ولده، لا أن إقامة الحد لا تصح إلا جهرًا.
7 - ومن قول عثمان رضي الله عنه في الرواية الرابعة "إنه لم يتقيأ حتى شربها" استدل لمالك وموافقيه على أن من تقيأ الخمر يحد حد الشارب. قال النووي: ومذهبنا أنه لا يحد بمجرد ذلك، لاحتمال أنه شربها جاهلاً كونها خمرًا، أو مكرها عليها، أو غير ذلك من الأعذار المسقطة للحدود. قال: ودليل مالك هنا قوي، لأن الصحابة اتفقوا على جلد الوليد بن عقبة المذكور في هذا الحديث، وقد يجيب أصحابنا عن هذا بأن عثمان رضي الله عنه علم شرب الوليد، فقضى بعلمه في الحدود، وهذا تأويل ضعيف وظاهر كلام عثمان يرد على هذا التأويل. اهـ.
8 - وقد يستدل بالرواية الأولى، وبرواية البخاري "جيء بالنعيمان، وهو سكران" على جواز إقامة الحد على السكران في حال سكره، وبه قال أهل الظاهر، والجمهور على خلافه، لأن المعنى المقصود بالضرب في الحد الإيلام، ليحصل به الردع.