3918 - عن علي رضي الله عنه قال: ما كنت أقيم على أحد حدًا فيموت فيه فأجد منه في نفسي إلا صاحب الخمر، لأنه إن مات وديته، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه.

-[المعنى العام]-

العقل هبة الله تعالى، ميز به الإنسان على سائر مخلوقات الأرض، به يحس بالخير والشر، فيستكثر من الخير، ويتباعد عن السوء، فالاعتداء على العقل، ولو للحظة واحدة، اعتداء على أقدس مخلوق، وأشرف الأعضاء، والإنسان بجهله أحيانًا يعالج مشاكله بالهروب منها بعض الوقت، مع أنه يعلم يقينًا أنه بذلك لا يحلها، بل ستظل معه حتى يعود إليها، إنه حين يلجأ إلى شرب الخمر، فيغيب عن حقائق حياته، ويدخل في متاهات الفكر، وسراديب الخيال، يهذي، وينفلت لسانه من عقاله، فيسب حيث لا داعي للسب، ويتهارج ويتقاتل، وهو لا يدرك ما يفعل، ويكشف سرًا، ويهتك سترًا، ويقلب صورته التي خلقها الله في أحسن تقويم، إلى شبح متمايل، وهيكل مترنح مضحك، مثير للسخرية منه والاستهزاء به.

من هنا حرم الله شرب الخمر، وجعل لشاربها عقابًا وحدًا زاجرًا لمن له قلب أو ألقى السمع، عقاب يسوده الإهانة والذلة، وهو الضرب بالنعال أربعين، يضربه عامة الناس، وإن كان الشارب من الخاصة، يضربه العظيم والحقير، والشريف والوضيع، مهما كان الشارب شريفًا، فهذا الوليد بن عقبة، في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وهو أخوه لأمه، وقد عينه واليًا على الكوفة، يشرب ويسكر، فيأتي به رعيته إلى عثمان فيأمر بضربه، ثم عزله، نعم عقاب الخمر رادع للنفوس الأبية الكريمة العزيزة، في زمن كان نور الإسلام يشاغف القلوب، فلما بعد النور، وفي عهد عمر بن الخطاب، ضعفت النفوس، وكثر شاربو الخمر، المستهينون بعقوبته، فاستشار عمر كبار الصحابة أن يضيف إلى حد الخمر زيادة على سبيل التعزير والتخويف، والتأديب والتهذيب، فأشاروا عليه بأن يجعل العقوبة ثمانين ضربة، وأن يجعل الضرب جلدًا بالسوط، بدلاً من الضرب باليد، والثياب والنعال، ففعل، فحسم الداء، وقل المرضى، وأصلح الله بالراعي الحازم القوي أمور المسلمين.

-[المباحث العربية]-

(الخمر) اللغة الفصحى تأنيث الخمر، وأثبت بعضهم فيها التذكير، ويقال لها: الخمرة بفتح الخاء وسكون الميم، قيل سميت بذلك لأنها تخامر العقل، أي تخالطه وتغطيه، وقيل: لأنها هي تخمر - بفتح الميم، مبني للمجهول، أي تغطي حتى تغلي، أو لأنها تختمر، كالعجين حين يتفاعل بالخميرة، قال الكرماني: هذا تعريف من حيث اللغة، وأما بحسب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015