وقد بينت الرواية التاسعة وقت هذه الخطبة، وأنها لم تتراخ عن الشفاعة، وأنها كانت في العشي من اليوم نفسه.
(إنما أهلك الذين قبلكم) في رواية "إنما هلك الذين قبلكم" وفي رواية النسائي "إنما هلك بنو إسرائيل".
(أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) "أنهم" إلخ في محل الرفع فاعل "أهلك"، وفي محل النصب على المفعول لأجله على رواية "هلك" وقد كان فيمن قبلنا أمور كثيرة تقتضي الإهلاك، كأكل الربا، وأكل أموال الناس بالباطل، وقتل الأنبياء بغير حق، وعدم التناهي عن منكر فعلوه، فالقصر هنا ادعائي، كأن ماعدا تعطيل الحدود لا شيء، ولا يعتد به بجواره.
وفي رواية للبخاري "كانوا يقيمون الحد على الوضيع" وهو من الوضع، وهو النقص، وفي رواية للنسائي بلفظ "الدون الضعيف". "والشريف" يقابل ذلك، لما يستلزم الشرف من الرفعة والقوة.
(وايم الله) تقدم شرحه، وحكمه في كتاب الأيمان والنذور، وفي الرواية التاسعة "وإني والذي نفسي بيده" وفي الرواية الحادية عشرة "والله" والظاهر أن هذا التغاير من تصرف الرواة، والرواية بالمعنى.
(لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) هذا القول من أمثلة مجيء "لو" حرف امتناع لامتناع، وإنما خص فاطمة ابنته بالذكر، لأنها أعز أهله عنده، ولأنه لم يكن بقي من بناته حينئذ غيرها، فأراد المبالغة في إثبات إقامة الحد على كل مكلف، وترك المحاباة في ذلك. قيل: ولأن اسمها - رضي الله عنها - يوافق اسم السارقة، فناسب أن يضرب المثل بها. وهذا التعليل ليس بذاك. وفي رواية "لقطع محمد يدها" على أسلوب التجريد.
(ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت، فقطعت يدها) في رواية للنسائي "قم يا بلال، فخذ بيدها، فاقطعها".
(فحسنت توبتها بعد، وتزوجت) هذا يفيد أنها حين سرقت لم تكن متزوجة، وهذه حقيقة، وفي رواية "فنكحت تلك المرأة رجلاً من بني سليم، وتابت" أي لم تعد للسرقة "وكانت حسنة التلبس والمخالطة والمعاشرة". وفي رواية "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد ذلك يرحمها ويصلها" وعند أحمد أنها قالت: هل لي من توبة يا رسول الله؟ فقال: أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك".
-[فقه الحديث]-
قال النووي: أجمع العلماء على قطع يد السارق، واختلفوا في اشتراط النصاب، فقال أهل