الجيم وسكون العين وتخفيف الراء، وقد تكسر العين وتشدد الراء، أما كسر الجيم فبلا خلاف، وقال الشافعي: تشديد الراء خطأ، وهي علم بين مكة والطائف، على سبعة أميال من مكة، وهي في الحل، وهي من مواقيت العمرة. والمراد من الجاهلية في هذا الحديث جاهلية عمر، أي قبل إسلامه، وليس المراد الجاهلية المطلقة، التي هي ما قبل البعثة، وإليك ظروف القصة الزمانية والمكانية، كما وردت في الأحاديث.
لما فتح الله مكة، وهو وأصحابه ما زالوا بها، بلغه أن كفار هوازن جمعوا قبائلهم، واتفقوا مع ثقيف، أهل الطائف، على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلوا وادي حنين، يستعدون للقاء المسلمين فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، في عشرة آلاف، ومعه الطلقاء، حتى قال أحد المسلمين: لن نغلب اليوم عن قلة، وكانت هوازن قد خرجت عن بكرة أبيهم بنسائهم وأطفالهم وأموالهم ونعمهم وشائهم، وأعدوا أنفسهم، وتهيئوا في مضايق الوادي المعروفة لهم، وصفوا أنفسهم بأحسن صفوف، صف الخيل، ثم المقاتلة، ثم النساء من وراء ذلك والذرية، ثم الغنم، ثم النعم وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى انحط بهم الوادي في عماية الصبح، فثارت في وجوهم خيل المشركين، فشد عليهم المسلمون، فانهزموا، وانكشفت النساء والذرية والغنم والنعم، فأسرع المسلمون على الغنائم يجمعونها، فارتقت هوازن أعلى الجبل، ورشقوا المسلمين بالنبال وكانوا رماة، لا تكاد رمايتهم تخطئ الهدف، فولى المسلمون الأدبار، ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا القليل، وهو على بغلته البيضاء يندفع بها نحو الكافرين، وهو يقول: أنا النبي لا كذب: أنا ابن عبد المطلب وصرخ من معه في الفارين، فعادوا، ونصر الله المسلمين، واستولوا على غنائم كثيرة، جمعوها، وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسيروا بها إلى الجعرانة، وأقام عليها الحراسة الكافية، ولم يقسمها، ورحل بالمسلمين إلى الطائف لمحاربة ثقيف، لكنهم تحصنوا بحصونهم، وأعدوا بداخلها ما يكفيهم سنة، فلم ينل المسلمون منهم، فعادوا إلى الجعرانة بعد حصار الطائف قرابة عشرين يومًا، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم هوازن، فأصاب عمر جاريتين، وهب إحداهما لابنه عبد الله واحتفظ بالأخرى.
وجاء وفد هوازن مسلمين يطلبون استرجاع الأسرى والأموال، ولكن بعد فوات الأوان، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد انتظرتكم لتأتوا مسلمين قبل تقسيم الغنيمة عشرين يومًا، أما وقد قسمت الغنائم فقد أصبح الأمر بيد المسلمين، ولكن اختاروا إما السبي، وإما المال، فاختاروا السبي، فعرض صلى الله عليه وسلم على أصحابه أن يتنازل منهم عن سبيه من يتنازل، وأن يعوض عن سبيه من لا يتنازل، فأطلقت أسارى وسبايا هوازن في طرقات الجعرانة، ولهم أصوات فرح وزغاريد، فسمع عمر، فأطلق جاريته.
(سمع عمر أصواتهم) في بعض النسخ "أصواتهن يقلن" وكلاهما صحيح، فالسبي المعتق كان ذكورًا وإناثًا.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: اختلف العلماء في صحة نذر الكافر، فقال مالك وأبو حنيفة وسائر الكوفيين وجمهور