(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله) أي يطلبون منه أن يحملهم على أبعرة من عنده، أي يطلبون منه ما يحملهم ويحمل أمتعتهم، والجملة صفة ثانية لرهط، والرهط الجماعة من ثلاثة - أو من سبعة - إلى عشرة - أو إلى ما دون العشرة.

و"في" في قوله "في رهط" سببية، أي بسبب رهط، كقوله صلى الله عليه وسلم "دخلت امرأة النار في هرة" وإسناد اللإتيان إلى الجماعة - في قوله في الرواية الرابعة "أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله" من قبيل إسناد الفعل إلى الراضين به، كقوله "فعقروا الناقة" والرواية الثانية توضح أن أصحابه أرسلوه نيابة عنهم. والأشعريون قومه من أهل اليمن، وجمع الحافظ ابن حجر بأن أبا موسى حضر هو والرهط، فباشر الكلام بنفسه عنهم. وهذا الجمع تستبعده الرواية الثانية، إذ طلب من أصحابه أن يستوثقوا من نقله عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وقوله في الرواية الثانية "أسأله لهم الحملان" بضم الحاء، أي الحمل، وفي كتب اللغة: الحملان ما تحمل عليه الأمتعة من الدواب، وعند البخاري "وهو يقسم نعمًا - بفتح النون والعين - من نعم الصدقة" فبين سبب الإتيان في هذا الوقت، ولعل النعم انتهى توزيعها ونفدت حين وصوله، فتألم رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة حاجة أصحابه إلى الظهر مع نفاد ما عنده، فكان غاضبًا، حين طلب أبو موسى الأشعري، فكان في رده بعض العنف، وبهذا عذره أبو موسى، وعذر نفسه، حيث قال في الرواية الثانية "ووافقته وهو غضبان ولا أشعر".

(والله لا أحملكم، وما عندي ما أحملكم عليه) الجملة الثانية كالتعليل للجملة الأولى، وقد قدمت على الجملة الأولى في الرواية الرابعة، وفي الرواية الثانية، "والله لا أحملكم على شيء" والظاهر أن أبا موسى ألح في الطلب، ففي الرواية الثانية "فرجعت حزينًا، من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن مخافة أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد وجد في نفسه علي" يقال: وجد فلان، بفتح الجيم يجد، بكسرها، وجدًا، بسكونها مع فتح الواو، إذا حزن ووجد عليه إذا غضب، وهؤلاء الأشعريون ليسوا من البكائين، الذين قال الله فيهم" {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا .... } [التوبة: 92].

(فلبثنا ما شاء الله) أي فلبثنا زمنًا شاءه الله، وفي الرواية الثانية "فلم ألبث إلا سويعة" والساعة في اللغة جزء من أجزاء الوقت، قل أو كثر، فالمعنى لم ألبث إلا وقتًا، وليس المراد منها هنا جزءًا من أربعة وعشرين جزءًا من الليل والنهار، والظاهر أنه لبث جزءًا من نهار.

(ثم أتي بإبل) في الرواية الثالثة "فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنهب إبل" بالإضافة، وبتنوين "نهب" و"إبل" بدل منه. والنهب بفتح النون وسكون الهاء بعدها باء، الغنيمة، وأصله ما يؤخذ اختطافًا، بحسب السبق إليه على غير تسوية بين الآخذين.

وفي الرواية الثانية، "ابتاعهن حينئذ من سعد" قال الحافظ ابن حجر، ويجمع بينهما باحتمال أن تكون الغنيمة لما حصلت حصل لسعد منها القدر المذكور، فابتاع النبي صلى الله عليه وسلم منه نصيبه، فحملهم عليه، قيل: هو سعد بن عبادة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015