(لكن البائس سعد بن خولة رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن توفي بمكة) قال العلماء: هذا من كلام الراوي، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، واختلفوا في قائل هذا الكلام، من هو؟ فقيل: هو سعد بن أبي وقاص، وقيل: هو الزهري الراوي عن عامر بن سعد.
قال النووي: واختلفوا في قصة سعد بن خولة، فقيل: لم يهاجر من مكة حتى مات بها، وقيل: هاجر، وشهد بدرًا، ثم انصرف إلى مكة ومات بها، وقيل: شهد بدرًا وغيرها، وتوفي بمكة في حجة الوداع، وقيل: توفي بمكة سنة سبع في الهدنة، خرج مختارًا تاركًا المدينة، فسبب بؤسه سقوط هجرته، لرجوعه مختارًا، وموته بمكة، وقيل: سبب بؤسه موته بمكة على أي حال كان، وإن لم يكن باختياره، لما فاته من الأجر والثواب الكامل بالموت في دار الهجرة، والغربة عن وطنه إلى هجرة الله تعالى، وهذا ما كان يخافه سعد بن أبي وقاص، كما في الرواية السادسة، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم خلف مع سعد بن أبي وقاص رجلاً، وقال له: إن توفي بمكة فلا تدفنه بها.
(عن ثلاثة من ولد سعد، قالوا: مرض سعد بمكة، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم)، هكذا هو في ملحق الرواية السادسة، وهذه الرواية مرسلة، سقط فيها الصحابي، لأن أولاد سعد تابعيون، أما الرواية السادسة نفسها فهي متصلة، وذكر مسلم لهذه الروايات المختلف في وصلها وإرسالها لا يقدح في صحة الرواية المرسلة، ولا في صحة أصل الحديث، لأن الصحيح الذي عليه المحققون أن الحديث إذا روي متصلاً ومرسلاً يحكم باتصاله، لأنها زيادة ثقة. قاله النووي.
(لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع) "غضوا" أي نقصوا.
(فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ ) أي هل تكفر صدقتي عنه سيئاته؟
(إن أمي افتلتت نفسها) بالفاء وضم التاء وكسر اللام، مبني للمجهول، "ونفسها" بالرفع نائب فاعل، وبالنصب على المفعول، يقال: افتلت الرجل الأمر إذا تعجله، وافتلت الأمر فلانًا فاجأه، والفلتة الأمر يحدث عجل، والمراد هنا ماتت بغتة فجأة.
(وإني أظنها لو تكلمت تصدقت) منشأ ظنه ما علمه من حرصها على الخير، أو ما علمه من رغبتها في الوصية.
(إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة) إذا حذف المعدود في الثلاث وما فوقها إلى التسع جاز تذكير العدد وتأنيثه، والاستثناء متصل، فإن الثلاثة المذكورة إنما هي من عمله، لأنه كان سببها ومصدرها (الولد والعلم والصدقة الجارية)، ومعنى "انقطع عمله" انقطع تجدد الثواب لعمله.
(أصاب عمر أرضًا بخيبر) هذه الأرض اشتراها عمر بماله من أهل خيبر، واسم هذه الأرض ثمغ، بالثاء المفتوحة والميم الساكنة بعدها غين، وهي غير الأسهم الذي حصل عليها كغنيمة على مشاركته في فتح خيبر، فعند النسائي "جاء عمر، فقال: يا رسول الله، إني أصبت مالاً، لم أصب مالاً مثله قط، كان لي مائة رأس، فاشتريت بها مائة سهم من خيبر، من أهلها".