حشوها ليف، ليس من فقر ألم به، ولكن من كرم وجود، ورعايته لرعيته، ورأفة ورحمة بالمؤمنين. صلى الله عليه وسلم.
-[المباحث العربية]-
(الرهن) بفتح الراء وسكون الهاء، في اللغة الاحتباس، ومنه قوله تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة} [المدثر: 38] وفي الشرع جعل مال وثيقة على دين، ويطلق أيضًا على العين المرهونة، تسمية للمفعول باسم المصدر.
ويجمع على رهان بكسر الراء، وعلى رهن بضم الراء والهاء.
(اشترى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من يهودي طعامًا بنسيئة) بفتح النون وكسر السين، أي بأجل، وقد بينت بعض روايات البخاري نوع الطعام بأنه الشعير، ولفظها "ولقد رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه بشعير" وفي رواية له "ولقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعًا له بالمدينة عند يهودي، وأخذ منه شعيرًا لأهله" كما بينت بعض رواياته مقدار الشعير، ولفظها "توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين، يعني صاعًا من شعير" وأخرج أحمد وابن ماجه والطبراني والترمذي والنسائي أن مقدار الشعير كان عشرين، قال الحافظ ابن حجر: ولعله كان دون الثلاثين وفوق العشرين فجبر الكسر تارة، وألغى أخرى، كما بينت رواية عند ابن حبان أن قيمة هذا الشعير كانت دينارًا، وبينت رواية عند الشافعي والبيهقي اسم هذا اليهودي، ولفظها "أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعًا له عند أبي الشحم اليهودي، رجل من بني ظفر، في شعير" و"أبو الشحم" بفتح الشين وسكون الحاء، اسمه كنيته، و"ظفر" بفتح الظاء والفاء بطن من الأوس، وكان حليفًا لهم.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: في الحديث جواز الرهن في الحضر، وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد والعلماء كافة، إلا مجاهدًا [والضحاك، فيما نقله الطبري عنهما] فقالا: لا يجوز الرهن إلا في السفر، تعلقًا بقوله تعالى {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة} [البقرة: 283] وبه قال داود وأهل الظاهر، واحتج الجمهور لقولهم من حيث المعنى بأن الرهن شرع توثقة على الدين، لقوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضًا} [البقرة: 283] فإنه يشير إلى أن المراد بالرهن الاستيثاق، وإنما قيده بالسفر لأنه مظنة فقد الكاتب، فأخرجه مخرج الغالب، واحتجوا بهذا الحديث، وهو مقدم على دليل خطاب الآية، وقال ابن حزم: إن شرط المرتهن الرهن في الحضر لم يكن له ذلك، وإن تبرع به الراهن جاز قال: وأما اشتراء النبي صلى الله عليه وسلم الطعام من اليهودي، ورهنه عنده، دون أغنياء وميسوري الصحابة، فقيل: فعله لبيان جواز ذلك، وقيل: لأنه لم يكن هناك طعام فاضل عن حاجة صاحبه إلا عند اليهودي، وقيل: لأن الصحابة لا يأخذون رهنه صلى الله عليه وسلم، ولا يقبضون منه الثمن، فعدل إلى معاملة اليهودي، لئلا يضيق على أحد من أصحابه، والتعليل الأول أولى.