رجل كلبًا يلهث من شدة العطش، فغفر الله له، ودخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت، لا هي أطعمتها وسقتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
إن مكارم الأخلاق تتمثل في أمور كثيرة يملكها المؤمن، فيعود بنفعها على الآخرين، دون مقابل، لأنه لم يبذل في ذلك مقابلاً، من ذلك من يملك فحلاً، ذكرًا من الدواب، يحتاجه من يملك أنثى ليلقحها، فلا يليق بالمالك أن يؤجر الفحل أو يبيع ماءه أو جماعه للأنثى بثمن أو مقابل، وقد كان أهل الجاهلية يبيعون ويؤجرون، فنهوا عن ذلك.
وهكذا يوجه الإسلام أبناءه إلى بذل المعروف ابتغاء وجه الله، ليدخر بذلك الثواب {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير} [البقرة: 110] و {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} [النحل: 96].
-[المباحث العربية]-
(نهي عن بيع فضل الماء) هكذا هو في الرواية الأولى والثانية مطلق، لكنه في الرواية الثالثة والرابعة والخامسة مقيد "ليمنع به الكلأ". "لتمنعوا به الكلأ". "ليباع به الكلأ" فيحمل المطلق على المقيد، ويكون النهي موجهًا إلى قصد منع الكلأ. وصورته أن تكون للإنسان بئر مملوكة له بالفلاة - أي بالصحراء المترامية الأطراف، ويكون قريبًا منها كلأ وعشب عام غير مملوك لأحد، ولا يقرب من هذا العشب ماء آخر غير هذه البئر، فإذا رعت الدواب من ذلك العشب احتاجت إلى ماء تلك البئر، وإلا تضررت بالعطش بعد الرعي، فإذا منع صاحب البئر الدواب من الشرب من بئره فقد منعها من الرعي في الكلأ، وإذا باع أصحابها ماء بئره فكأنه باع الكلأ المباح الذي لا يملكه.
و"فضل الماء" أصله الماء الفاضل، أي الزائد عن حاجته، و"الكلأ" بفتح الكاف واللام، بعدها همزة، هو النبات، سواء كان رطبًا أو يابسًا، أما الحشيش والهشيم فهو مختص باليابس، والعشب مختص بالرطب. ومعنى قوله في الرواية الثانية "عن بيع الأرض لتحرث" أي نهي عن إجارتها لتزرع، وقد سبقت المسألة في باب كراء الأرض. وقوله في الرواية الثالثة "لا يمنع فضل الماء" ببناء الفعل للمجهول، وبرفعه على أنه خبر، والمراد به مع ذلك النهي، وجاء في رواية بالجزم على النهي.
(نهي عن بيع ضراب الجمل) في رواية البخاري "الفحل" و"الفحل" الذكر من كل حيوان، فرسًا كان أو جملاً أو تيسًا أو كبشًا أو غير ذلك وضرابه - بكسر الضاد - ضربه الأنثى لتلقيحها، يقال: ضاربه ضرابًا ومضاربة، إذا ضرب كل منهما الآخر، والمعنى نهي عن بيع ماء الفحل عند ضرابه، أو نهي عن أجرة جماعه. وفي البخاري "نهي عن عسب الفحل" بفتح وإسكان السين، ويقال له: العسيب، وهو ماء الفحل، وقيل: جماعه.