فحوى الكلام، يعود عليه ضمير "منها" والتقدير: عامل أهل خيبر على أرضها - أي على زراعتهم أرضها - بشطر ما يخرج منها.
"وخيبر" على وزن جعفر مدينة كبيرة، ذات حصون منيعة، وحولها مزارع ونخيل وافرة غنية، بين المدينة والشام، على نحو مائة وثلاثين ميلاً من المدينة، تحصن بها اليهود داخل أسوارها حين غزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أواخر المحرم سنة سبع من الهجرة، حاصرهم بضع عشرة ليلة، ثم فتحها الله، واستسلم اليهود، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم إخراجهم من خيبر إلى الشام، كما فعل ببني النضير، لكنهم طالبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم في ديارهم وأرضيهم التي صارت للمسلمين، على أن يسقوا شجرها، ويحرثوا أرضها، ويرعوا زرعها، والبذر ونفقات الرعاية من جانبهم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين نصف ما يخرج من الأرض من ثمر أو زرع. فالشطر بفتح الشين المراد منه هنا النصف. وأشار بالثمر إلى المساقاة، وبالزرع إلى المزارعة.
(أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بشطر ما يخرج .. ) التقدير: أعطى أهل خيبر أرض خيبر بشطر ما يخرج.
(فكان يعطي أزواجه كل سنة مائة وسق) أي فكانت نفقته على بيوته من ثمار خيبر، من ثمرها وشعيرها مائة وسق، بضم الواو وفتحها وكسرها مع سكون السين، والوسق ستون صاعًا، والصاع خمسة أرطال وثلث.
(ثمانين وسقًا من تمر) "ثمانين" بالنصب بدل من "مائة" وعند الأكثرين "ثمانون" بالرفع على القطع.
(فلما ولي عمر قسم خيبر) "قسم" بتخفيف السين، وفي الكلام طي، والتقدير: فلما ولي عمر، وعزم على إخراج اليهود من جزيرة العرب، وأجلى أهل خيبر قسم أرضها على من كان شهد خيبر من المسلمين، وكانوا يأخذون أسهمًا من ثمرها وزرعها.
(خير أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية البخاري "فخير" وهي أوضح، والكلام مستأنف على رواية مسلم، وهذا التخيير من عمر تكريم منه لهن. رضي الله عنهن.
(أن يقطع لهن الأرض والماء) بضم الياء في "يقطع" وكسر الطاء، أي يعطيهن سهمهن أرضًا وماء للري، بدل التمر والشعير.
(أو يضمن لهن الأوساق كل عام) في رواية البخاري "أو يمضي لهن" أي يجري لهن الأوساق التي كانت تجري عليهن أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وذلك بأن يعامل على أرضهن بالمساقاة والمزارعة ويحصل على الثمر والزرع لبيت المال، ويجري عليهن من بيت المال ما كان لهن من أوساق.