والطلب يحكم المعاملات البشرية، وقد تستغل طبقة الأخرى نتيجة لهذا القانون، فرغبت الشريعة الإسلامية في الرفق والمواساة والمعروف "من كان له أرض فليزرعها بنفسه، فإن عجز عن زراعتها بنفسه فلا يستغل أخاه العامل في زراعتها، ولكن يمنحها له منحة ليزرعها، فإن لم يزرعها، ولم تجد نفسه بها على أخيه فليملكها خالية بدون زراعة، ولا يؤجرها للعامل بإيجار ظالم مستغل. لقد كان كراء الأرض وتأجيرها للمحتاجين والعاملين يأخذ قبل الإسلام أشكالاً كثيرة، يعطى العامل ثمر قطعة صغيرة منها ليزرع جميعها، أو يعطى الشواطئ والحروف وحافات الطرق ومسالك المياه ليزرع للمالك باقي أرضه، ويسلمه خيراتها، أو يعطى نسبه صغيرة مما تنتج الأرض، ووفرتها لمالكها، أو يؤجرها المالك بإيجار مالي قد يعجز العامل عن الوفاء به، وكثيرًا ما يحدث الشقاق والمخاصمة بين المالك ومستأجر الأرض فكانت الشريعة حكمًا، وكانت الأحاديث التي أعمل الفقهاء فيها عقولهم، واستنبطوا منها أحكامهم ومذاهبهم، وهدف الجميع تحقيق حكمة التشريع. والحفاظ على الحقوق، ورفع المظالم. والله الهادي إلى سواء السبيل.
-[المباحث العربية]-
(نهي عن كراء الأرض) "كراء" بكسر الكاف. قال أهل اللغة: الكروة والكراء بكسر الكاف فيهما: أجرة المستأجر، والكراء أيضًا مصدر كاراه، مكاراة، وكراء، ويقال: كاراه، واكتراه، وأكراني داره وأرضه، فهي مكراه، واكتريت منه دارًا، واستكريتها بمعنى، فقوله في الرواية السادسة "ولا يكرها" هو بضم الياء وسكون الكاف وكسر الراء، من أكريته أرضى، وهو معنى قوله في الرواية الخامسة "ولا يؤاجرها إياه" وكذلك قوله في الرواية الثانية عشرة "كنا نكري أرضنا" هو بضم النون، وقوله في ملحق الرواية المتممة للعشرين "فكان لا يكريها" هو بضم الياء أيضًا، وقوله في الرواية الثالثة والعشرين "أن الأرض تكرى" هو بضم التاء وسكون الكاف وفتح الراء، مبني للمجهول.
(فإن لم يزرعها فليزرعها أخاه) "يزرع" الأولى بفتح الياء، والثانية بضم الياء، والمعنى فإن لم يزرعها بنفسه فليجعلها مزروعة من أخيه، ومعناه يعيرها إياه بلا عوض، وهو معنى قوله في الرواية الثالثة "أو ليمنحها أخاه" وقوله في الرواية التاسعة "أو فليحرثها أخاه" بضم الياء، أي ليجعلها محروثة من أخيه، وقوله في الرواية الحادية عشرة "فليهبها أو ليعرها" وقوله في الرواية الرابعة والثلاثين "فإنه أن يمنحها أخاه خير". "أن" بفتح الهمزة وسكون النون، وفعل "يمنحها" منصوب، والمعنى: فإنه لأن يمنحها أخاه خير له من أن يأخذ عليها أجرًا. وبكسر الهمزة على أنها شرطية، وفعل "يمنحها" مجزوم.
(كان لرجال فضول أرضين) أي كان لهم أرضون فاضلة وزائدة على مجهودهم وقدراتهم على الزراعة. فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف.
(فإن أبى فليمسك أرضه) أي فإن أبى منحها فليمسكها من غير زراعة، ولا يكريها، وهو معنى قوله في الرواية التاسعة "وإلا فليدعها".