الأولى: بيع الثمار قبل بدو صلاحها بشرط قطعها، وهو صحيح عند عامة العلماء، وقال الثوري وابن أبي ليلى بأنه باطل. دليلهما ظاهر العموم في الأحاديث، ودليل عامة العلماء الإجماع، ولأن علة المنع أن الثمرة قد تتلف بعد البيع وقبل النضج، بل هي معرضة لذلك كثيرًا، فيكون البائع قد أكل مال أخيه، فإذا شرط القطع انتفى هذا الضرر، فلو شرط القطع. ثم لم يقطع فالبيع صحيح، ويلزمه البائع بالقطع.

الثانية: بيع الثمار قبل بدو صلاحها مطلقًا، بشرط بقائها على شجرها، وهو باطل عند عامة العلماء، وقال يزيد بن أبي حبيب: يجوز.

الثالثة: بيع الثمار قبل بدو صلاحها مطلقًا، بدون شرط القطع وبدون شرط الإبقاء، ومذهب الشافعي وأحمد والجمهور ورواية عن مالك أن البيع باطل، لإطلاق هذه الأحاديث، وإنما صححوه بشرط القطع للإجماع، فخصصوا الأحاديث بالإجماع فيما إذا شرط القطع، ولأن العادة في الثمار الإبقاء، فصار الإبقاء كأنه مشروط وإن لم يذكر، فحكمه حكم ما شرط فيه البقاء.

وقال أكثر الحنفية إن البيع صحيح ما دام لم يشترط التبقية، وحملوا النهي على بيع الثمار قبل أن توجد أصلاً، أو أن النهي للتنزيه.

الرابعة: بيع الثمار بعد بدو صلاحها. ومذهب الشافعي ومالك وأحمد جواز بيعها مطلقًا، سواء شرط القطع، أو شرط التبقية، أو لم يشترط، لمفهوم هذه الأحاديث، ولأن ما بعد الغاية يخالف ما قبلها، إذا لم يكن من جنسها، ولأن الغالب فيها السلامة، بخلاف ما قبل الصلاح.

وقال أبو حنيفة: إن شرط إبقاءها على شجرها لم يصح البيع، وإن لم يشترط إبقاءها صح هذا. ثم قال النووي: ثم إذا بيعت بشرط التبقية أو مطلقًا يلزم البائع بسقايتها إلى أوان الجذاذ، لأن ذلك هو العادة فيها.

ثم قال: ومذهب مالك والكوفيين وأكثر العلماء أنه يجوز بيع السنبل المشتد -وتؤيدهم روايتنا الثانية- قال: وأما مذهبنا ففيه تفصيل، فإن كان السنبل شعيرًا أو ذرة أو ما في معناهما، مما ترى حباته، جاز بيعه، وإن كان حنطة ونحوها مما تستر حباته بالقشور التي تزال بالدياس ففيه قولان للشافعي رضي الله عنه، الجديد أنه لا يصح، وهو أصح قوليه، والقديم أنه يصح. وأما قبل الاشتداد فلا يصح بيع الزرع إلا بشرط القطع كما ذكرنا، وإذا باع الزرع قبل الاشتداد مع الأرض بلا شرط جاز، تبعًا للأرض، وكذا الثمر قبل بدو الصلاح إذا بيع مع الشجر جاز بلا شرط تبعًا، وهكذا حكم البقول في الأرض، لا يجوز بيعها في الأرض، دون الأرض إلا بشرط القطع. قال: وفروع المسألة كثيرة. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر: واختلف السلف في قوله "حتى يبدو صلاحها" هل المراد به جنس الثمار، حتى لو بدا الصلاح في بستان من البلد مثلاً جاز بيع ثمرة جميع البساتين، وإن لم يبد الصلاح فيها؟ أو لا بد من بدو الصلاح في كل بستان على حدة؟ أو لا بد من بدو الصلاح في كل جنس على حدة؟ أو في كل شجرة على حدة؟ الأول قول الليث، وهو عند المالكية بشرط أن يكون الصلاح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015