على غير بابه، إذ ليس هناك مشاركة بين الحق والباطل، فهو من قبيل قولنا: العسل أحلى من المر. وفي الرواية السابعة "كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق" وفي رواية للبخاري "فقضاء الله أحق، وشرط الله أوثق".

(في كل سنة وقية) قال النووي: وقع في جميع النسخ "وقية" بدون ألف في الرواية الثانية - أي في الرواية السابقة - ووقع في الرواية الأولى - أي السادسة - "في كل عام أوقية" بالألف، وفي بعض النسخ بدونها، وكلاهما صحيح، وهما لغتان، إثبات الألف أفصح، والأوقية الحجازية أربعون درهمًا.

(وكان زوجها عبدًا، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختارت نفسها، ولو كان حرًا لم يخيرها) في الرواية العاشرة "قال عبد الرحمن بن القاسم: وكان زوجها حرًا. قال شعبة: ثم سألته عن زوجها - أي أكان حرًا أم عبدًا؟ - فقال: لا أدري" قال النووي: قال الحافظ: رواية من روى أنه كان حرًا غلط وشاذة مردودة، لمخالفتها روايات الثقات. وحكم التخيير سيأتي في فقه الحديث.

وكان هذا التخيير عقب عتقها، ففي الرواية الثامنة "وعتقت فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختارت نفسها" أي خيرها بين أن تبقى تحت زوجها العبد، وبين أن ينفسخ نكاحها، فاختارت فسخ النكاح. وفي الرواية الثانية عشرة "خيرت على زوجها حين عتقت".

واسم زوجها هذا مغيث وكان عبدًا أسود، وكان يحب بريرة حبًا غالبًا، جعله يتبعها في شوارع المدينة، وهو يبكي، ودموعه تسيل على لحيته، يترضاها، ويرجوها أن تعود إليه، بعد أن اختارت نفسها، وفسخ زواجها، حتى قال صلى الله عليه وسلم لعمه العباس: يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة؟ ومن بغض بريرة مغيثًا؟ وحتى قال لها صلى الله عليه وسلم: لو راجعتيه؟ قالت: يا رسول الله، تأمرني؟ قال: لا. إنما أنا أشفع. قالت: لا حاجة لي فيه. لو أعطاني كذا وكذا ما قبلت أن أكون عنده.

خدمت بريرة عائشة قبل أن تعتق، وشهدت لعائشة خيرًا في حديث الإفك، ويبدو أن أهلها مالكيها أذنوا لها بخدمتها، بأجر أو بدون أجر، وشراء عائشة لها وعتقها كان في السنة التاسعة، وعاشت إلى خلافة معاوية.

(كان في بريرة ثلاث قضيات) جمع قضية، وفي الرواية الثانية عشرة "ثلاث سنن" جمع سنة، أي ثلاثة أحاديث تشريعية، أي كان بسببها ثلاثة أحكام. الولاء لمن أعتق، وتخيير الأمة إذا أعتقت وهي تحت عبد، والصدقة على موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وستأتي هذه القضايا في فقه الحديث.

(لو صنعتم لنا من هذا اللحم) طعامًا؟ "لو" للتمني، أو شرطية جوابها محذوف، أي لكان خيرًا. والرواية الثانية عشرة توضح الصورة أكثر، ولفظها "وأهدي لها لحم، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبرمة على النار" رأى فيها لحمًا، وهي مكشوفة، فرأى اللحم، "فدعا بطعام، فأتى بخبز وأدم" - بضم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015