يتزوج، والرجم للمتزوج، مع التشهير والفضيحة، {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} [النور: 2].
هذه الوصمة الكبرى لم تترك للأهواء والاختلافات والتهم، ولم تهمل للألسنة والإشاعات، {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة} [النور: 19] أما عذاب الدنيا فهو حد القذف، ثمانون جلدة، للذين يرمون المحصنات بالزنا، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، يشهدون بأنهم رأوا بأعينهم عملية الزنا، وتحققوا منها تحقق دخول المرود في المكحلة، وأنى للشهود أن يصلوا إلى ذلك. ليس الجلد فقط للذين يرمون المحصنات، بل خزي في الدنيا يقطع ألسنة السوء قطعًا، يقول الله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون} [النور: 4].
لكن تطبيق هذا القانون على الزوجين يضر بأخلاقية الحياة الزوجية، فقد يرى الزوج الفاحشة في أهله ولا يستطيع أن يأتي بأربعة شهداء، فإن غلبته العصبية الجاهلية قتل الزوجة وخليلها؟ وإن تغلب عليها ماذا يفعل؟ إن تكلم اعتبر قاذفًا، وقيل له: البينة أو حد في ظهرك؟ وإن سكت سكت على نار تأكل أحشاءه، وعلى غيظ قد يودي بحياته، ووقعت هذه الصورة، ورأى عويمر العجلاني بعينى رأسه رجلاً جاثمًا فوق زوجته يفعل بها الفاحشة، فجرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتيه؟ ماذا يفعل؟ وخشي صلى الله عليه وسلم أن يفتح هذا الباب للتشهير والإشاعة وإذاعة الفضيحة للمسلمين، وأعداؤهم من اليهود والكافرين والمنافقين حولهم يتربصون بهم، فكره عرض الصورة بهذا العرض، ولم ينزل عليه في مثل هذه الحالة حكم، فصرف الرجل إلى الغد، وفي الغد جاء سعد بن عبادة الأنصاري سيد قومه - وقد سمع بالقصة - جاء يناقش رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول: يا رسول الله، لو وجدت مع امرأتي رجلاً لم أمسه، وأذهب أبحث عن أربعة شهداء؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم. قال: إذن يكون قد قضى حاجته وانصرف؟ كلا. يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لو رأيت رجلاً مع امرأتي لعاجلته بسيفي هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أتسمعون ما يقول سيدكم؟ إنه لغيور غيرة محمودة، وأنا أغير منه، والله أغير منا، ولكن ليس أمامي إلا ما نزل من حكم الله، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، ولا يمضي زمن كبير حتى يأتي هلال بن أمية، يقول: يا رسول الله، إني وجدت شريك بن سحماء فوق امرأتي. ماذا أفعل؟ ونزل الوحي، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يأخذه من حالة النزول الشديدة.
فلما سرى عنه قرأ الآيات: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين * ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} [النور: 6 - 9]. ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم الزوجين، وتلاعنا، وفرق بينهما، وألحق الولد