بالنسبة لما كان قبل ذلك، وتهوين الصبر عليها. والمراد من قوله "قد كانت إحداكن" أي إحدى النساء، وليس المراد إحدى أمهات المؤمنين.
(ترمي بالبعرة على رأس الحول) "البعرة" رجيع وفضلات ذوات الخف وذوات الظلف إلا البقر الإنسي.
وقد فسرت زينب الكيفية والدافع بما سيأتي.
(دخلت حفشًا) بكسر الحاء وسكون الفاء بعدها شين، وهو البيت الصغير، أو الخص بضم الخاء بعدها صاد، وقال الشافعي: الحفش البيت الذليل الشعث البناء، وفي رواية للنسائي "عمدت إلى شر بيت لها، فجلست فيه" وفي الرواية الثالثة "تكون في شر بيتها".
(ولبست شر ثيابها) أي أحقر ثيابها، وفي الرواية الثالثة "في شر بيتها في أحلاسها" أي في شر أحلاسها، أو "في شر أحلاسها في بيتها" أي في شر بيتها، والأحلاس بفتح الهمزة وإسكان الحاء، جمع حلس بكسر الحاء، وحلس البعير وغيره من الدواب الكساء الرقيق الذي يوضع تحت البرذعة، والمراد هنا شر ثيابها. والترديد بين العبارتين في الرواية الثالثة للشك من الراوي في أي اللفظين وقع، وصف الثياب، أم وصف المكان، وعلى أي فالمقصود وصف الثياب والمكان بالحقارة.
(ولم تمس طيبًا ولا شيئًا) من الزينة والتنعم، وكأنه قال: ولم تمس طيبًا ولا نحوه من مظاهر الترف والرفاهية، كالخضاب والكحل والألوان والمساحيق والحلي والثياب الملونة بألوان الزينة، وهي المرادة من الثوب المصبوغ في الرواية التاسعة والعاشرة، "إلا ثوب عصب" بفتح العين وسكون الصاد، وهو من برود اليمن، يعصب له جملة من الخيوط كحزمة قبل النسيج، فتصبغ هذه الحزمة، ثم تدخل في النسيج، و"ثوب عصب" من إضافة الموصوف إلى صفته، أي ثوبًا معصوبًا، به عصابات وحزم. وسيأتي في فقه الحديث ما هو ممنوع من الثياب وما يرخص فيه منها.
(ثم تؤتى بدابة، حمار أو شاة، أو طير، فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات) الدابة ما يدب على الأرض من حيوان، وأصله من دب يدب دبيبًا إذا مشي مشيًا فيه تقارب خطو، فلفظ "حمار أو شاة. بدل بعض من كل، أما لفظ "طير" فإن اعتبر أنه يدب على الأرض أحيانًا، ويمشي على رجليه ولو نادرًا دخل مع الحمار والشاة في كونه بدلاً من "دابة" وإن كان مغايرًا للدابة عطف عليها، وهذا الثاني ظاهر في قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم} [الأنعام: 38] و"تفتض بفتح التاءين بينهما فاء ساكنة، أخره ضاد، وأصل الفض الكسر، والمعنى تكسر ما كانت فيه من الإحداد، وتخرج من الإحداد بما تفعله بالدابة. عادة وعقيدة جاهلية، كانت المرأة إذا انقضت مدة الحداد، وهي سنة كاملة، تؤتى بحمار أو شاة أو دجاجة أو حمامة فتمسح بها، وتمسح قبلها فيه، كما يتمسح المستجمر بالأحجار ثم تبعده عنها وتعتقد أنه غالبًا ما يموت هذا الذي تتمسح به، لأنه يفض الحالة الناشئة عن الموت، فكأنه أخذ الموت وذهب به بعيدًا عنها، عقيدة جاهلية أنكرها الإسلام، وقرر الحداد المشروع، وقيل: المراد تمسح بيدها على