يأتين بفاحشة مبينة} أي فيحل إخراجهن، ولو أخرجت أو خرجت دون هذا العذر أثم أو أثمت. ولا تنقطع العدة.
والفاحشة المبينة هي البذاء على زوجها وعلى أحمائها. قال عكرمة: في مصحف أبي "إلا أن يفحشن عليكم" وعن ابن عباس: الفاحشة كل معصية كالزنا والسرقة والبذاء على الأهل، واعترض على هذا بالغيبة ونحوها من المعاصي، فهي لا تبيح الإخراج ولا الخروج.
أما من قال: إن المراد بالفاحشة الزنا، فقد رده ابن العربي، فقال: أما من قال: إنه الخروج للزنا فلا وجه له، لأن ذلك الخروج هو خروج القتل والإعدام، وليس ذلك بمستثنى في حلال ولا حرام. اهـ. وقيل: إنه الخروج بغير حق، وتقدير الكلام: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن شرعًا، إلا أن يخرجن تعديًا وبغير حق.
ثانيًا: المطلقة طلاقًا بائنًا، ثلاثًا أو باتًا، وهي حامل يجب لها السكنى والنفقة قولاً واحدًا، لا نعلم خلافًا في ذلك بين أهل العلم، لقوله تعالى: {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} فوجب لها السكنى والنفقة إن لم يكن من أجلها فمن أجل ولده الذي تحمله.
ثالثًا: المطلقة طلاقًا بائنًا، ثلاثًا أو باتًا، وهي غير حامل فيها خلاف بين العلماء. قيل: لها السكنى والنفقة، وقيل: ليس لها سكنى ولا نفقة، وقيل: لها السكنى وليس لها نفقة.
رابعًا: المتوفى عنها زوجها إن كانت غير حامل فلا نفقة لها بالإجماع، وإن كانت حاملاً فالأصح عند الشافعية أنه لا نفقة لها كالحائل، وقيل: تجب لها النفقة كالمطلقة الحامل. أما السكنى فالأصح عند الشافعية وجوب السكنى.
والذي تستريح إليه النفس بخصوص حديث فاطمة بنت قيس:
(أ) أنه صحيح، لا مجال لرده، فقد أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، بطرق كثيرة بلغت حد الشهرة، وقيل: حد التواتر.
(ب) وأنه بخصوص نفقة المطلقة طلاقًا بائنًا صريح في أنها لا نفقة لها، ولم تشر رواية من رواياته إلى أنها كانت تستحق النفقة فلم يحكم لها بها لسبب من الأسباب، بل بعض الروايات تعرضت إلى أنه لا نفقة لها، ولم تتعرض للسكنى، ففي الرواية الأولى أن شكواها من وكيل زوجها كان من أجل النفقة، حيث أنكر حقها في النفقة، وأرسل إليها نفقة دون، وأنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ليس لك عليه نفقة" إذن السكنى كان أمرها مقررًا، لم تكن سببًا في الخصومة، وأصرح من الرواية الأولى في أن الخصومة كانت من أجل النفقة قولها في الرواية الثانية "إن كان لي نفقة أخذت الذي يصلحني، وإن لم تكن لي نفقة لم آخذ منه شيئًا" وفي الرواية الثالثة "لا نفقة لك" وفي الرواية الرابعة "فقال لها أهله: ليس لك علينا نفقة". ولما ذهب أهله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن نفقتها ولم يسألوه عن سكناها، وكان جوابه لهم: "ليست لها نفقة" وفي الرواية الخامسة تقول "فأرسلت إلى أهله. أبتغي النفقة" وفي الرواية السابعة "فقالا لها: والله ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له قولها؟ فقال: لا نفقة لك".