"بأوقية"؟ فقال جابر: هو لك: يا رسول الله. وفي الرواية السابعة "قال: أتبيعه بكذا وكذا؟ والله يغفر لك. قال: قلت: هو لك يا نبي الله" فقوله "والله يغفر لك" ليس من العوض والمقابل، وإنما هي كلمة تجري على ألسنتهم للدعاء للمخاطب عقب الطلب منه، وتكليفه بأي شيء.
(ثم قدم صلى الله عليه وسلم وقدمت بالغداة) "الغداة" في كتب اللغة ما بين الفجر وطلوع الشمس، وقيل: الضحوة، والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مسجد المدينة بالغداة أيضًا، لكنه سبق جابرًا، ولا يتنافى هذا مع الأمر بالتمهل خارج المدينة ليدخلوا عشاء، فإنه لم يكن المقصود أن يدخلوا ليلاً، بل كان المقصود أن يتركوا فرصة للنساء لتتهيأ لاستقبال أزواجهن بعد علمهن بوصولهم، فإذا طالت الفرصة، وكان الدخول نهارًا جمع بين هذا الأمر وبين النهي عن طروق النساء ليلاً.
(فوزن لي بلال فأرجح في الميزان) أي زاد في وزن الذهب بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإشارته.
(فقلت: الآن يرد عليَّ الجمل) أي قلت ذلك في نفسي، أي يرد الجمل ويسترد الثمن.
(وأنا على ناضح) الناضح الجمل الذي يستقى عليه.
(إنما هو في أخريات الناس) "أخريات" بضم الهمزة وسكون الخاء وفتح الراء، أي في مؤخرتهم.
-[فقه الحديث]-
تتعلق هذه الروايات بنقطتين أساسيتين. الأولى الحث على نكاح ذات الدين، الثانية الحث على نكاح البكر.
فالحديث الأول والثاني يحثان على نكاح ذات الدين، ويتحدثان عن مقاصد الرجال في اختيار الزوجات.
يقول القرطبي في شرح الحديث الأول: معنى الحديث أن هذه الخصال الأربع هي التي يرغب في نكاح المرأة لأجلها، فهو إخبار عما في الوجود، لا أنه وقع الأمر بذلك، بل ظاهره إباحة النكاح لقصد كل من ذلك، لكن قصد الدين أولى، فهو يبين العادة الجارية بين الناس، ويوافق عليها، ويقدم بعضها على بعض، فالمال يعين الزوج عند الشدة، وتستغني به المرأة عن مطالبة الزوج بما تحتاج إليه، أو بما لا طاقة له بتحمله، وقد يحصل له منها ولد، فيعود إليه مالها.
والحسب يحفظ للرجل منزلة أدبية بين المجتمع الذي يعيش فيه، وقد حمل عليه بعضهم قوله صلى الله عليه وسلم "تخيروا لنطفكم" فكرهوا نكاح بنت الزنا وبنت الفاسق واللقيطة ومن لا يعرف أبوها.
والجمال يعف الزوج عن النظر إلى الغير، ويشرح الصدر، روى الحاكم "خير النساء من