(إنه ليس بك على أهلك هوان) معناه: لا يلحقك هوان بانصرافي عنك إلى غيرك، ولا يضيع بذلك من حقك شيء، فقد حصلت عليه كاملا، قال القاضي عياض: المراد بأهلك هنا نفسه صلى الله عليه وسلم، أي لا أفعل فعلا فيه هوانك علي. اهـ. أي ليس في انصرافي عنك إهانة لك.
(إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي) "سبعت لك" أي أقمت عندك سبعًا، أي أكملت الثلاث التي مضت سبعًا، بالبقاء معك أربعًا أخرى، وفي هذه الحالة أسبع لكل واحدة من نسائي قبل أن أرجع إليك - وكان عنده صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت سودة وعائشة وحفصة، فكأنه لا يعود للإقامة معها إلا بعد إحدى وعشرين ليلة من تسبيعه لها.
وفي الرواية الثانية "إن شئت سبعت عندك [أي وسبعت لكل واحدة من نسائي] وإن شئت ثلثت، ثم درت" أي اكتفيت بالثلاث التي مضت، ثم أدور على نسائي عند كل واحدة ليلة، فكأنه عند التثليث سيرجع بعد ثلاث ليقيم عندها ليلة، فالتخيير بين ثلاث بدون قضاء، وبين سبع تقضى كلها لكل واحدة، فاختارت الثلاث، وفي الرواية الثالثة "إن شئت زدتك - أي على الثلاث إلى السبع - وحاسبتك به" أي بقضاء السبع لكل واحدة، للبكر سبع، وللثيب ثلاث" فإن اكتفيت بحقك الثلاث فلك، ولم تتجاوزي حتى تحاسبي، لكن إن تجاوزت الثلاث إلى السبع فقد استوليت على حق الغير، وانتفعت بمزية توالي الليالي، وكمال الأنس، وتعويض ذلك قضاء الثلاث التي كانت من حقك، ولو أن القضاء للأربع فقط لحصلت على مزية زائدة عن حقها بدون تعويض.
(عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) كذا في الرواية الثانية، وفي الرواية الثالثة "عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الرواية الرابعة "عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة" أما في الرواية الأولى فكالرابعة. قال النووي: هكذا روي متصلا [بذكر أم سلمة] ومرسلا [بعدم ذكرها] واستدركه الدارقطني على مسلم، واستدراكه فاسد، لأن مسلما رحمه الله قد بين اختلاف الرواة في وصله وإرساله، ومذهبه ومذهب الفقهاء والأصوليين ومحققي المحدثين أن الحديث إذا روي متصلا ومرسلا حكم بالاتصال، ووجب العمل به، لأنها زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير، فلا يصح استدراك الدارقطني.
(ولو قلت: إنه رفعه لصدقت، ولكنه قال: السنة كذلك) رواية البخاري "عن أنس قال: من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا، ثم قسم".
وقول الصحابي: من السنة كذا له حكم المرفوع عند جمهور المحدثين، لأن مراده من السنة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكأنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعند بعض المحدثين ليس له حكم المرفوع، بل هو موقوف، لاحتمال أن يريد الصحابي بلفظ السنة معناها اللغوي، أو ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه، وهذا الاحتمال وإن كان ضعيفًا يعتد به ويعمل به احتياطًا في قبول الحديث ورفعه.