حاجة إلى إعلان كبير لينتشر بين المسلمين.

وكان زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ظرفاً لتشريع آخر، ذاك هو حجاب أمهات المؤمنين، حيث جلس بعض المدعوين لوليمتها في حجرة الطعام بعد الطعام مستأنسين للحديث، فثقلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثقلوا على زوجه التي ظلت مدة طويلة مولية وجهها نحو الحائط، فنزل قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} -أي لا تدخلوا بيوت النبي لسبب من الأسباب إلا بسبب الإذن {إلى طعام غير ناظرين إناه} أي غير منتظرين نضجه، أي إذا دخلتم لطعام فادخلوا بعد نضجه، لئلا يطول بكم الانتظار {ولكن إذا دعيتم} بعد تجهيز الطعام {فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا} أي فاخرجوا وانتشروا في الأرض، وتوجهوا إلى مصالحكم {ولا مستأنسين لحديث} أي لا يحملكم الاستئناس بالحديث على الجلوس بعد الأكل {إن ذلكم} الجلوس واللبث {كان يؤذي النبي} فيمنعه من قضاء حاجاته، ويضيق عليه وعلى أهله في المنزل {فيستحيي منكم} فلا يقول لكم: اخرجوا {والله لا يستحيي من الحق} فلا تعودوا لمثل هذا معشر الثقلاء، وعن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم "حسبك في الثقلاء أن الله عز وجل لم يحتملهم" يقول الألوسي: وعندي كالثقيل المذكور من يدعي في وقت معين مع جماعة، فيتأخر عن ذلك الوقت من غير عذر شرعي بل لمحض أن ينتظر، ويظهر بين الحاضرين فريد جلالته {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} [الأحزاب: 53]. صلى الله عليه وسلم" ورضي عن أزواجه أجمعين.

-[المباحث العربية]-

(لما انقضت عدة زينب) بنت جحش، وأمها أميمة بنت عبد المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبدأ هذه القصة بزيد بن حارثة الصبي الذي كان عبداً لخديجة رضي الله عنها، فوهبته لزوجها محمد صلى الله عليه وسلم، فجاءه أهله يفدونه، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: إن اختاركم فهو لكم بدون فداء، فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهله، فأشهدهم صلى الله عليه وسلم أنه عتيق، وأنه حر، وأنه منذ اللحظة ابن لمحمد، وليس عبداً لمحمد، وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه، وورث ميراثه، فأصبح يدعى زيد بن محمد، حتى نزل قوله تعالى من سورة الأحزاب {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} [الأحزاب: 4، 5]. فأصبح يدعى زيد بن حارثة. وشب الصبي، وبلغ سن الزواج، فاختار له رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش ابنة عمته صلى الله عليه وسلم لتكون زوجة له، وترفعت زينب، بنت الحسب والنسب وابنة عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي تتيه بجمالها على قريناتها. ترفعت أن تتزوج من كان عبداً. فنزل قوله تعالى {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً} [الأحزاب: 36].

وخضعت زينب لأمر الله وأمر رسوله وتزوجت زيداً، لكنها بحكم طبيعة المرأة ظلت نافرة من زيد، متعاظمة عليه، وجاء زيد مراراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوها إليه، ويستأذن في طلاقها -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015