مناحي الحياة: في العقيدة، والعبادة، والتعليم، والخروج، والميراث، والمشاركة في شئون الحياة، بل والتخطيط لمستقبل حياتها قبل خروجها من بيت أبيها إلى بيت زوجها، لتقول كلمتها، وتبدي رأيها في شريك حياتها، فلا تزوج البكر رجلاً حتى تستأذن في أمر زواجها منه، إن أذنت نفذ، وإن لم تأذن لم ينفذ، ولا ينبغي أن يحول حياؤها الذي ورثته دون أخذ رأيها، بل يعرض الأمر عليها، ويؤخذ بقرائن رضاها حين سكوتها، وبقرائن رفضها، أما الثيب فلا بد من نطقها وإعلان موافقتها قبل زواجها. نعم للأب أن يزوج ابنته الصغيرة التي لا تدرك مصلحتها حين يتقدم لها كفء مشرف، كما زوج أبو بكر ابنته عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى في مثل هذه الحالة لم يسلبها الإسلام حريتها حين تدرك، وحين لا ترضى بزوجها الذي اختاره لها أبوها، فحين اشتكت إحدى النساء ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم رد نكاحها، فيا سعادة المرأة في ظل الإسلام وتعاليمه، ويا شقاءها حين تتمرد على شرائعه وتطلب السعادة في غيره.
-[المباحث العربية]-
(لا تنكح الأيم حتى تستأمر) "لا تنكح" "لا" ناهية، والفعل مجزوم بالسكون، وحرك بالكسر، للتخلص من التقاء الساكنين، أو "لا" نافية، والفعل مرفوع بالضمة، والخبر أبلغ من النهي كما سبق مراراً.
و"الأيم" بفتح الهمزة والياء المشددة المكسورة تطلق على امرأة لا زوج لها، صغيرة أو كبيرة، بكراً كانت أو ثيباً، باتفاق أهل اللغة، والأيمة بسكون الياء العزوبة، ويقال: رجل أيم، وامرأة أيم. واختلف العلماء في المراد بالأيم هنا شرعاً، وسيأتي تفصيل أقوالهم.
ومعنى "تستأمر" أي يطلب أمرها، والمعنى لا يعقد عليها حتى يطلب الأمر منها، ولا يكفي أن يطلب الأمر منها، بل المراد لا يعقد عليها إلا بعد أن تأمر بذلك.
(ولا تنكح البكر حتى تستأذن) أي حتى يطلب إذنها، والمراد حتى تأذن.
(وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت) "أن تسكت" مصدر، خبر مبتدأ محذوف، أي إذنها سكوتها.
وفي الرواية الرابعة "وإذنها سكوتها" وفي الرواية الثانية "قالت عائشة: فإنها تستحي" أي من أن تتكلم وتأذن "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك إذنها إذا هي سكتت" أي فاستحياؤها مع قرائن رضاها إذنها.
"إذا هي سكتت" ولم يظهر منها أي قرينة على المعارضة وعدم الرضا، وفي الرواية الثالثة "وإذنها صماتها" والصمات بضم الصاد: السكوت، وفي رواية للبخاري "رضاها صمتها" وفي إحدى الروايات "سكاتها إذنها" وفي روايتنا الخامسة "وصمتها إقرارها".