الحديبية، وبدأت بين المسلمين وبينهم المفاوضات والرسل، وبينما المسلمون على أمل وطمع في أن يمكنوا من أداء النسك ابتلى الله كعب بن عجرة بالقمل في رأسه، توالد وتكاثر حتى ملأ رأسه، وجرى على شعره، حتى حاجبه وشاربه، وحتى سبح على وجهه وتساقط منه، ومر به النبي صلى الله عليه وسلم فواساه وطيب خاطره وسأله: هل يملك شاة فيذبحها كفارة وفداء ليحلق؟ فقال: لا. فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى رحله ينتظر حكم ربه، فنزل عليه قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة: 196]. وشرح الله لنبيه مقدار الصوم الواجب والصدقة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة، وقرأ عليه الآية، وقال له: صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، كل مسكين نصف صاع، ودعا الحلاق فحلق شعره، فصام كعب ثلاثة أيام، حيث لم يكن معه ما يطعمه المساكين، وصدق الله العظيم في نبيه صلى الله عليه وسلم حيث قال: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [التوبة: 128].
-[المباحث العربية]-
(أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم) في الرواية الثالثة "وقف عليه" وفي الرواية الرابعة والخامسة "مر به" وفي الرواية السابعة "فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه" وفي الرواية الثانية "فأتيته" وفي الرواية السادسة "فحملت إليه" وعند الطبراني "أنه لقيه وهو عند الشجرة" قال الحافظ ابن حجر: ولا تعارض، والجمع أن يقال: مر به أولاً، فرآه على تلك الصورة فاستدعاه إليه، فخاطبه، وحلق رأسه بحضرته، فنقل كل واحد منهما ما لم ينقله الآخر.
(زمن الحديبية) في الرواية الرابعة "وهو بالحديبية، قبل أن يدخل مكة وهو محرم" وفي رواية البخاري "وهو بالحديبية، ولم يتبين لهم أنهم يحلون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة" وهذه الزيادة تبين أن الحلق كان لاستباحة محظور بسبب الأذى، لا لقصد التحلل بالإحصار.
(وأنا أوقد تحت قدر لي) في ملحق الرواية "تحت برمة لي" وفي رواية "وأنا أطبخ قدراً لأصحابي".
(والقمل يتناثر على وجهي) في الرواية الرابعة "والقمل يتهافت على وجهه" أي يتساقط شيئاً فشيئاً، وهو مأخوذ من الهفت بسكون الفاء، وفي المحكم: الهفت تساقط الشيء قطعة قطعة، كالثلج والرذاذ ونحوهما، وتهافت الفراش في النار: تساقطه، وتهافت القوم تساقطوا موتاً، وتهافتوا عليه تتابعوا وفي الرواية الثالثة "ورأسه يتهافت قملاً" "قملاً" منصوب على التمييز، وفي الرواية السابعة "فقمل رأسه ولحيته" وعند أحمد "وقع القمل في رأسي ولحيتي حتى حاجبي وشاربي" وفي رواية لأحمد "قملت حتى ظننت أن كل شعرة من رأسي فيها القمل من أصلها إلى فرعها" زاد في رواية "وكنت حسن الشعر" وفي رواية أبي داود "أصابتني هوام، حتى تخوفت على بصري" وفي رواية "وكانت لي وفرة" أي شعر وفير على الرأس يبلغ شحمة الأذنين.