-[المباحث العربية]-
(أربع) وكذا "خمس" مبتدأ، سوغ الابتداء به ملاحظة الوصف "من الدواب" الوارد في الرواية السادسة.
(كلهن فاسق) مبتدأ وخبر، والجملة خبر "أربع" وفي الرواية السادسة "كلها فاسق" قال النووي: تسمية هذه الخمس فواسق تسمية صحيحة جارية على وفق اللغة، فإن أصل الفسق لغة الخروج، ومنه فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها، وقوله تعالى: {ففسق عن أمر ربه} [الكهف: 50]. أي خرج، وسمي الرجل فاسقاً لخروجه عن طاعة ربه، فهو خروج مخصوص. وأما المعنى في وصف الدواب المذكورة بالفسق فقيل لخروجها عن حكم غيرها من الحيوان في تحريم قتله وقيل في حل أكله، لقوله تعالى: {أو فسقاً أهل لغير الله به} [الأنعام: 145]. وقوله: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} [الأنعام: 121]. وقيل: لخروجها عن حكم غيرها بالإيذاء والإفساد وعدم الانتفاع، ومن ثم اختلف أهل الفتوى فيما يلحق بها من الدواب، وسيأتي توضيحه في فقه الحديث.
(خمس فواسق) هذا لفظ الرواية الثانية والثالثة والرابعة. قال النووي: هو بإضافة "خمس" لا يتنوينه، وجوز ابن دقيق العيد الوجهين.
قال الحافظ ابن حجر: التقييد بالخمس، وإن كان مفهومه اختصاص المذكورات بذلك لكنه مفهوم عدد، وليس بحجة عند الأكثر، وعلى تقدير اعتباره فيحتمل أن يكون قاله صلى الله عليه وسلم أولاً، ثم بين بعد ذلك أن غير الخمس يشترك معها في الحكم فقد ورد في بعض الطرق [روايتنا الأولى] بلفظ "أربع" فأسقط العقرب، وفي بعض الطرق "ست" فأثبت العقرب، وزاد الحية، وإن كانت خالية عن لفظ العدد [وهي روايتنا العاشرة] وأغرب عياض فقال: في بعض الطرق ذكر الأفعى، فصارت سبعاً، وتعقب بأن الأفعى داخلة في مسمى الحية، والحديث الذي ذكرت فيه أخرجه أبو عوانة من طريق ابن عوانة عن نافع، قال: قلت لنافع، فالأفعى؟ قال: ومن يشك في الأفعى.
وجاء في رواية عند أبي داود زيادة السبع العادي، فصارت سبعاً، وعند ابن خزيمة زيادة الذئب والنمر على الخمس المشهورة، فتصير بهذا الاعتبار تسعاً، لكن أفاد ابن خزيمة عن الذهلي أن ذكر الذئب والنمر من تفسير الراوي للكلب العقور، ثم قال الحافظ: فهذا جميع ما وقفت عليه في الأحاديث المرفوعة زيادة على الخمس المشهورة ولا يخلو شيء من ذلك من مقال. اهـ
(من الدواب) بتشديد الباء، جمع دابة، وهي: ما دب من الحيوان، وهي تشمل الطير بدليل هذا الحديث فقد ذكر منها الحدأة والغراب، ويدل على دخول الطير أيضاً عموم قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} [هود: 6]. وقوله: {وكأين من دابة لا تحمل رزقها} [العنكبوت: 60]. وبعضهم لا يدخل الطير في الدواب، ويستدل بقوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم} [الأنعام: 38]. والعطف