أمره .... " قال: وأما حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي "روايتنا العاشرة" فهو محمول على ما لم يصد للمحرم، ولا بد من هذا التأويل للجمع بين الأدلة. والله أعلم. انتهى بتصرف.
وقد صرحت آية المائدة بعقوبة المحرم إذا اصطاد، فقالت: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} [المراد من أحرم بحج أو عمرة وإن كان في الحل وفي حكمه من كان في الحرم وإن كان حلالاً] {ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام}
قال ابن بطال: اتفق أئمة الفتوى من أهل الحجاز والعراق وغيرهم على أن المحرم إذا قتل الصيد عمداً أو خطأ فعليه الجزاء، وخالف أهل الظاهر وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية في الخطأ، وتمسكوا بقوله تعالى: {متعمداً} فإن مفهومه أن المخطئ بخلافه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، والجمهور على أن القرآن صرح بالعمد وأن السنة جاءت بالخطأ، وعن الحسن ومجاهد يجب الجزاء في الخطأ دون العمد فللعمد النقمة، وعنهما يجب الجزاء على العامد أول مرة، فإن عاد كان أعظم لائمة، وعليه النقمة، لا الجزاء.
واختلفوا في جزاء الصيد أهو على الترتيب؟ أم على التخيير؟ الجمهور على الثاني على معنى أنه يجب في الظبي شاة، وفي الضبع شاة، وفي الوحش بقرة وللجاني أن يختار الإطعام، فيقوم الصيد من حيث إنه صيد، لا من حيث ما زاد عليه بالصنع، في المكان الذي أصابه المحرم فيه، أو في أقرب الأماكن إليه مما يباع فيه ويشترى، وكذا يعتبر الزمان الذي أصابه فيه لاختلاف القيم باختلاف الأمكنة والأزمنة، فإن بلغت قيمته قيمة هدي يخير الجاني بين أن يشتري بهذه القيمة هدياً، وبين أن يشتري بها طعاماً، وبين أن يصوم عن طعام كل مسكين يوماً، ويحكم بالقيمة والمماثلة عدلان مسلمان.
هذا جزاء المحرم إذا صاد، فهل الجزاء نفسه على المحرم الذي أكل من صيد غيره المحرم أو المحل؟ خلاف بين العلماء والظاهر أن عليه الحرمة لا الجزاء، لئلا يكون هناك بدلان لشيء واحد. والله أعلم.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
1 - من الرواية الأولى جواز رد الهدية لعلة.
2 - والاعتذار للمهدي عن هديته ليطيب خاطره.
3 - أن الهدية لا تدخل في الملك إلا بالقبول.
4 - من قوله "فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال ... " جواز الحكم بناء على العلامة والقرينة.
5 - جواز صيد الحمار الوحشي، وجواز أكله.
6 - وأن عقر الصيد ذكاته.