فمعنى "فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي استمر في طريقه منطلقاً، وأرسل بعض أصحابه.
(وخشينا أن نقتطع) أي نصير مقطوعين عن النبي صلى الله عليه وسلم، منفصلين عنه، إما بالاسترخاء عن اللحاق به، فيسبقهم، وإما بأن يقطعهم العدو عنه ويحوذهم.
(أرفع فرسي شأوا وأسير شأوا) "أرفع" بضم الهمزة وفتح الراء وتشديد الفاء المكسورة، وبفتح الهمزة وسكون الراء، والمعنى: أرفع درجة جريه شأوا أي تارة حرصاً على الإسراع، وأسير به بيسر وهدوء دون ركض تارة أخرى حرصاً على راحة الفرس.
(تركته بتعهن) في ضبطها خلاف كثير شمل كل حركات حروفها، وهي عين ماء قبل السقيا بثلاثة أميال للقادم من المدينة.
(وهو قائل السقيا) "السقيا" قرية جامعة بين مكة والمدينة، وقائل إما من القول والسقيا مفعول لفعل محذوف، أي وهو يقول لأصحابه اقصدوا السقيا وإما من القيلولة والسقيا ظرف، أي تركته ليلاً بتعهن وهو يقصد ويعزم القيلولة غداً في السقيا.
(انتظرهم فانتظرهم) الأولى بصيغة الأمر، والثانية بصيغة الماضي.
(إني أصدت ومعي منه فاضلة) قال النووي: هكذا هو في بعض النسخ بفتح الصاد المخففة، والضمير في "منه" يعود على الصيد المحذوف الذي دل عليه "أصدت" ويقال بتشديد الصاد، وفي بعض النسخ "صدت" بكسر الصاد وفي بعضها "اصطدت" وكله صحيح. اهـ
وفي البخاري "أصبت حمار وحش وعندي منه فاضلة" أي فضلة أي قطعة باقية.
(فصرف من أصحابه) من تبعيضية، أي صرف بعض أصحابه.
(خذوا ساحل البحر حتى تلقوني) أي اتجهوا إلى طريق ساحل البحر إلى غيقة ثم اتجهوا نحوي للقائي.
(فلما انصرفوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم) "قبل" بكسر القاف وفتح الباء أي جهة.
(أحرموا كلهم إلا أبا قتادة) في بعض رواة البخاري: "إلا أبو قتادة" قال الحافظ: ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع إلا النصب وقد أغفلوا وروده مرفوعاً بالابتداء مع ثبوت الخبر ومع حذفه، فمن أمثلة الثابت الخبر "إلا أبو قتادة لم يحرم" فإلا بمعنى لكن، وأبو قتادة مبتدأ ولم يحرم خبره، ومن أمثلة المحذوف الخبر {فشربوا منه إلا قليلاً منهم} [البقرة: 249]. في قراءة رفع (قليلاً) وقوله صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرون".
(فنزلوا فأكلوا من لحمها) يقال: نزل المسافر، أي توقف عن السير وحط الرحال للراحة ونحوها، وضمير "أكلوا" غير ضمير "نزلوا" لأنهم نزلوا جميعاً وأكل بعضهم وأبى الأكل بعضهم كما