وقال النووي: قال أصحابنا: وله أن يتقلد المصحف وحمائل السيف. اهـ ومثله أن يتقلد كيس نقود ويعلق حمائل كيس أمتعة، فإن ذلك لا يسمى لبساً.
ثانياً: تغطية المحرم رأسه: أما النقطة الثانية فقد قال النووي في شرح مسلم: نبه صلى الله عليه وسلم بالعمائم والبرانس على كل ساتر للرأس، مخيطاً كان أو غيره، حتى العصابة، فإنها حرام، فإن احتاج إليها لشجة أو صداع أو غيرهما شدها ولزمته الفدية.
وقال في المجموع: لا يجوز للرجل ستر رأسه، لا بمخيط كالقلنسوة، ولا بغيره كالعمامة والإزار والخرقة وكل ما يعد ساتراً، فإن ستر لزمه الفدية، ولو توسد وسادة، أو وضع يده على رأسه، أو انغمس في ماء، أو استظل بمحمل وهودج ومظلة جاز، ولا فدية، سواء مس المحمل رأسه أم لا، لأنه لا يعد ساتراً، ولو وضع على رأسه زنبيلاً أو قفة جاز على الأصح ولا فدية، لأنه لا يقصد به الستر. ولا يشترط لوجوب الفدية ستر جميع الرأس، بل تجب الفدية بستر قدر يقصد ستره لغرض، كشد عصابة، وإلصاق لصوق لشجة ونحوها، واتفق الأصحاب على أنه لو شد خيطاً على رأسه لم يضره، ولا فدية.
وقال: مذهبنا أنه يجوز للرجل المحرم ستر وجهه، ولا فدية عليه، وبه قال جمهور العلماء، وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز كرأسه.
ثالثاً: ما لا يباح للمحرم لبسه في قدميه: وأما النقطة الثالثة فقد قال النووي في شرح مسلم: نبه صلى الله عليه وسلم بالخفاف على كل ساتر للرجل، من مداس [وهو ضرب من الأحذية] وحمحم [وهو ضرب آخر منها] وجورب وغيرها.
وقال الحافظ ابن حجر: ظاهر الحديث أنه لا فدية على من لبس الخفين إذا لم يجد النعلين، واستدل به على اشتراط القطع، خلافاً للمشهور عن أحمد، فإنه أجاز لبس الخفين من غير قطع، لإطلاق حديث ابن عباس في البخاري في أواخر كتاب الحج بلفظ "ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين" وتعقب بأنه موافق على قاعدة حمل المطلق على المقيد، فينبغي أن يقول بها هنا.
أما المرأة فالوجه منها كرأس الرجل، يحرم ستره بكل ساتر، ويجوز لها ستر رأسها وسائر بدنها بالمخيط وغيره، كالقميص والخف والسراويل وتستر من الوجه القدر اليسير الذي يلي الرأس، لأن ستر الرأس واجب، لكونه عورة، ولا يمكن استيعاب ستره إلا بذلك. ولها أن تسدل على وجهها ثوباً متجافياً عنه بخشبة ونحوها، سواء فعلته لحاجة، كحر وبرد وخوف فتنة ونحوها، أم لغير حاجة، فإن وقعت الخشبة فأصاب الثوب الوجه بغير اختيارها ورفعته في الحال فلا فدية، وإن كان عمداً أو استدامته لزمها الفدية، وفي لبسها القفازين قولان. وقالت عائشة: لا تلثم المرأة، أي لا تغطي شفتيها بثوب. ولم تر عائشة بأساً بالحلي، وبالثوب الأسود والمورد، وقالت: تلبس من خزها، وبزها، وأصباغها، وحليها. قال الحسن وعطاء: تلبس ما شاءت من الثياب، إلا ثوباً ينفض عليها ورساً أو زعفراناً.
رابعاً: الطيب للمحرم في الثوب أو البدن: وأما النقطة الرابعة فقد قال النووي في شرح مسلم: والزعفران والورس نبه بهما على ما في معناهما، وهو الطيب. اهـ