(أوليس اليوم يوم عاشوراء) استفهام إنكاري توبيخي بمعنى لا ينبغي، أو تعجبي، أي كيف تأكل وتدعوني للأكل واليوم يوم عاشوراء المأمور بصومه؟
(قبل أن ينزل شهر رمضان) أي قبل أن ينزل فرض صيام شهر رمضان، ويمكن أن يكون "شهر رمضان" مقصود به حكاية الآية الكريمة، أي قبل أن ينزل قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ... } [البقرة: 185].
لكن قوله في الروايات الأخرى: "قبل أن ينزل رمضان" يقوي المعنى الأول.
(إن اليوم يوم عاشوراء) الكلام على الاستفهام الإنكاري، والمراد من الخبر لازمه، أي إن اليوم يوم يصومه المسلمون؟ لا ينبغي فيه الفطر.
(فإن كنت مفطراً فاطعم) أي فإن كنت ستفطر بناء على ما قلت لك فهيا إلى الطعام، وليس المراد إن كنت غير صائم، لأنه أخبره بأنه صائم.
(ويتعاهدنا عنده) يقال: تعاهده أي تفقده وتردد إليه يجدد العهد به، والمراد يتفقد صيامنا لعاشوراء، ويسألنا عنه عند مجيئه.
(يعني في قدمة قدمها) "قدمة" بفتح القاف وسكون الدال المرة من القدوم، وفي رواية البخاري عن حميد "أنه سمع معاوية يوم عاشوراء عام حج على المنبر" قال الحافظ ابن حجر: وكأنه تأخر بمكة أو المدينة في حجته إلى يوم عاشوراء، وذكر أبو جعفر الطبري أن أول حجة حجها معاوية بعد أن استخلف كانت في سنة أربع وأربعين، وآخر حجة حجها سنة سبع وخمسين، والذي يظهر أن المراد بها في هذا الحديث الحجة الأخيرة.
(أين علماؤكم يا أهل المدينة؟ ) قال الحافظ: في سياق هذه القصة إشعار بأن معاوية لم ير لهم اهتماماً بصيام عاشوراء، فلذلك سأل عن علمائهم، أو بلغه عن بعضهم أنه يكره صيامه، أو يقول بوجوبه. اهـ.
فأراد إعلامهم بأنه ليس بواجب ولا مكروه.
(فسئلوا عن ذلك) في ملحق الرواية "فسألهم عن ذلك" وفي الرواية السابعة عشرة "فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا اليوم الذي تصومونه"؟
(هذا اليوم الذي أظهر الله في موسى وبني إسرائيل على فرعون) يقال: ظهر على عدوه أي غلبه، وأظهره الله على عدوه أي أعانه، وفي الرواية السابعة عشرة "هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه" وفي رواية البخاري "هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم" زاد أحمد "وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي، فصامه نوح شكراً".