له أن يفطر كما لو صام المريض ثم أراد أن يفطر، ففي الحديث رد لما ذهب إليه بعض الشافعية من أنه لا يجوز له أن يفطر ذلك اليوم، لأنه دخل في فرض المقيم، فلا يجوز له أن يترخص برخصة المسافر، كما لو دخل في الصلاة بنية الإتمام، ثم أراد أن يقصر. وأجيب بأن من دخل في الصلاة تامة التزم الإتمام فلم يجز له القصر لئلا يذهب ما التزمه لا إلى بدل، وأما المسافر إذا صام ثم أفطر فلا يترك الصوم إلا إلى بدل، وهو القضاء.
4 - أخذ بعضهم من قول الزهري في ملحق الرواية الأولى "وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره" نسخ المتأخر للمتقدم من أمره صلى الله عليه وسلم أو رجحان الثاني مع جوازهما. والتحقيق أن ذلك ليس بلازم، فقد يفعل صلى الله عليه وسلم متأخراً خلاف الأولى لبيان الجواز، لكنه كان يحافظ على الأفضل.
5 - أخذ بعضهم من الرواية الخامسة وملحقها استحباب التمسك بالرخصة عند الحاجة إليها.
6 - وكراهة تركها على وجه التشديد والتنطع.
7 - أخذ الجمهور من إطلاق الفطر جوازه بكل مفطر، وفرق أحمد في المشهور عنه بين الفطر بالجماع وغيره، فمنعه بالجماع. قال: فلو جامع فعليه الكفارة إلا إن أفطر بغير الجماع قبل الجماع.
8 - ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من الأدب، وعدم عيب بعضهم على فعل بعض، والتحلي بحسن الخلق والتماس العذر، وعدم التزمت، وعدم المعارضة، وعدم الهوى، وحب الرأي.
9 - ومن الرواية الثانية عشرة فضل الكفاح في أمور الدنيا، وأنه قد يفضل العبادة.
10 - ومن قوله في الرواية السادسة عشرة "إني رجل أسرد الصوم" أخذ بعضهم جواز صوم الدهر، وأنه لا كراهة فيه، قال النووي: فيه دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أن صوم الدهر وسرده غير مكروه لمن لا يخاف منه ضرراً، ولا يفوت به حقاً، ويشترط فطر يومي العيد والتشريق لأنه أخبر بسرده، ولم ينكر عليه، بل أقره، وأذن له في السفر، ففي الحضر أولى. اهـ وأجيب بأن التتابع يصدق بدون صوم الدهر، قال الحافظ ابن حجر: فإن ثبت النهي عن صوم الدهر لم يعارضه هذا الإذن بالسرد، بل الجمع بينهما واضح.
والله أعلم