الثاني: يجوز لهما ويجزئهما.
الثالث: يجوز للحاسب ولا يجوز للمنجم.
الرابع: يجوز لهما، ويجوز لغيرهما تقليدهما.
الخامس: يجوز لهما، ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم. اهـ.
وقال العيني عند شرح حديث: "فاقدروا له": المراد إكمال العدة ثلاثين كما فسره في حديث آخر، ولا يجوز أن يكون المراد حساب النجوم، لأن الناس لو كلفوا به ضاق عليهم، لأنه لا يعرفه إلا الأفراد، والشارع إنما يأمر الناس بما يعرفه جماهيرهم.
وقال عند شرح حديث: "فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين". ظاهره ينفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً، إذ لو كان الحكم بعلم من ذلك لقال: فاسألوا أهل الحساب. ثم قال: قال ابن بزيزة: نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم، لأنه حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب، مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق الأمر، إذ لا يعرفها إلا القليل.
وقال ابن بطال وغيره: إننا لم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، إنما ربطت عبادتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة، يستوي في معرفة ذلك الحساب وغيرهم. اهـ.
هذه خلاصة ما قيل في عدم الاعتماد على الفلك والحساب عند تقدير الشهور، وهي تعتمد على نقاط، نوردها ثم نناقشها.
النقطة الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم: "إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب". وهذه قضية حالة، انتهت، فلم تعد أمة الإسلام أمة أمية، بل أصبحت أمة تكتب وتحسب، فلا يستصحب الحكم المبني عليها لما بعدها. وظاهر الحديث تعليل الاعتماد على رؤية الهلال عليها، والمعلول يدور وراء علته وجوداً وعدماً، فقول العيني: علق الشارع الصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عن أمته في معاناة حساب التيسير، واستمر ذلك بينهم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك هذا القول غير مقبول، إذ يشبه قول من يقول: إن حكم المعلل بعلة يستمر وإن زالت علته.
النقطة الثانية: قولهم: [لا نتعبد إلا بالرؤية] وهذه قضية لم يلتزم بها أصحاب هذا القول ولا غيرهم، فقد تعبد جميع المسلمين ويتعبدون بالتقويم الحسابي في أوقات الصلاة، ولم يعودوا يعتمدون على رؤية الفجر الصادق والكاذب حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ولا على رؤية غياب الشفق، ولا أن يصير ظل كل شيء مثله ... إلخ.
النقطة الثالثة: حملهم قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن غم عليكم فاقدروا له" روايتنا الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة على أن المراد بها إكمال العدة ثلاثين يوماً كما جاء في بعض الروايات، فاعتمدوها، وقال العيني: إنها تنفي تعلق الحكم بالحساب أصلاً، إذ لو كان الحكم يعلم من ذلك لقال فاسألوا أهل الحساب. اهـ.