المسألة الثانية: الزكاة والخراج: والخراج هو ما يدفعه واضع يده على أرض ملك للدولة في مقابل الانتفاع بها لا على طريق الإجارة.
قال النووي: وتكون الأرض خراجية في صورتين.
إحداهما: أن يفتح الإمام بلدة عنوة وقهراً [أي حارب أهلها المسلمين ولم يعقدوا معهم صلحاً، بل حكم بينهم وبين المسلمين السيف وحده، فتصبح أموال البلد ملكاً وغنيمة] المفروض أن يقسمها الإمام بين الغانمين، لكنه قد يعوضهم عنها بعوض آخر، ثم يقفها على المسلمين [جميعاً، المعاصرين والذين لم يلحقوا بهم، أي تصبح ملكاً للدولة] ويضرب عليها خراجاً [نقداً أو غلة يقدر حسب طاقة الأرض، يدفعه للدولة أهل الأرض الأولون -بعد أن يقرهم الإمام عليها- في مقابل انتفاعهم واستثمارهم لها].
الثانية: أن يفتح بلدة صلحاً على أن الأرض للمسلمين [ملكاً] ويسكنها الكفار بخراج معلوم، فالأرض تكون فيئاً للمسلمين، والخراج أجرة لها، لا تسقط بإسلامهم، وكذا إذا انجلى الكفار عن بلدة، وقلنا: إن الأرض تصير وقفاً على المسلمين، يضرب عليها خراج يؤديه من سكنها، مسلماً كان أو ذمياً.
قال: وأما البلاد التي فتحت قهراً وقسمت أرضها بين الغانمين، وثبتت في أيديهم، وكذا التي أسلم أهلها عليها، والأرض التي أحياها المسلمون فكلها عشرية، وأخذ الخراج منها ظلم. اهـ.
قال صاحب المغني: لم نعلم شيئاً مما فتح عنوة قسم بين المسلمين إلا خيبر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم نصفها، فصار ذلك لأهله "الذين قسم عليهم" لا خراج عليه. وسائر ما فتح عنوة مما فتحه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده كأرض الشام والعراق ومصر وغيرها لم يقسم منه شيء اهـ.
هذه الأرض الخراجية التي يدفع واضعو اليد عليها خراجاً للدولة يجب عليهم أن يخرجوا زكاة ما يخرج منها عند الجمهور.
قال النووي: اتفق الأصحاب على أن الخراج لا يسقط الزكاة، وبه قال جمهور العلماء.
قال ابن المنذر: هو قول أكثر العلماء، وممن قال به: مالك والليث وأحمد وداود. وقال أبو حنيفة: لا يجتمع عشر وخراج، فلا زكاة عليها. اهـ.
وساق النووي أدلة أبي حنيفة ورد عليها بما لا يسمح به المقام.
أما زكاة الماشية: فلا تجب إلا في ثلاثة أنواع منها، هي: الإبل والبقر والغنم، لأن الأخبار وردت بإيجاب الزكاة فيها، ولأن الإبل والبقر والغنم تكثر منافعها، ويطلب نماؤها بالكبر والنسل، فاحتملت المواساة في الزكاة، ولا تجب فيما سوى ذلك من المواشي كالبغال والحمير، وفي زكاة الخيل خلاف يأتي تفصيله قريباً. وللزكاة في هذه الأنواع شرطان متفق عليهما وشرطان مختلف فيهما نعرضها بإيجاز: