قال الحافظ ابن حجر: والتحقيق أن لكل من الإسراع والترتيل جهة فضل بشرط أن يكون المسرع لا يخل بشيء من الحروف والحركات والسكون الواجبات، فلا يمتنع أن يفضل أحدهما الآخر وأن يستويا، فإن من رتل وتأمل كمن تصدق بجوهرة واحدة ثمينة، ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة الثمينة، وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الأخريات وقد يكون بالعكس. ا. هـ وهو كلام جيد.
-[ويؤخذ من الأحاديث]-
1 - من قوله في الرواية الأولى: "إن أفضل الصلاة الركوع والسجود". أن إطالة الركوع: والسجود أفضل من إطالة القراءة، وهو مذهب لابن مسعود ولبعض العلماء، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم "أفضل الصلاة طول القنوت". وقوله: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد".
2 - ومن قوله "سورتين في كل ركعة". جواز الجمع بين السور في ركعة واحدة، لأنه إذا جمع بين السورتين ساغ الجمع بين ثلاث فصاعداً لعدم الفرق، وقد روى أبو داود وصححه ابن خزيمة عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين السور؟ قالت: نعم من المفصل.
قال عياض: حديث ابن مسعود هذا يدل على أن هذا القدر كان قدر قراءته صلى الله عليه وسلم غالباً، وأما تطويله وقراءته البقرة والنساء وآل عمران في ركعة كما سبق قريباً فكان نادراً.
3 - استدل بعضهم بقوله: "عشرون سورة في عشر ركعات". أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل إحدى عشرة ركعة.
4 - استدل بقوله: "إني لأعرف النظائر ... إلخ". استحباب اختيار النظائر حين الجمع بين السور، وقد بين أبو داود في رواية هذه النظائر، فقال: "الرحمن" و"النجم" في ركعة، و"اقتربت" و"الحاقة" في ركعة، و"الطور" و"الذاريات" في ركعة، و"الواقعة" و"نون" في ركعة و"سأل سائل" و"النازعات" في ركعة و"ويل للمطففين" و"عبس" في ركعة و"المدثر" و"المزمل" في ركعة، و"هل أتى" و"لا أقسم" في ركعة"، و"عم" و"المرسلات" في ركعة و"الدخان" و"إذا الشمس كورت" في ركعة قال المحب الطبري: كنت أظن من النظائر أنها متساوية في العد حتى فحصتها فلم أجد فيها شيئاً متساوياً. ا. هـ فالمراد من النظائر التشابه في المعاني. والله أعلم.
5 - يؤخذ من هذه النظائر أن قراءة السور مترتبة على المصحف ليس لازماً.
6 - وأنه يجوز تطويل الركعة الأخيرة على ما قبلها.
7 - وفيه ما يقوي القول بأن ترتيب السور في المصحف كان باجتهاد من الصحابة إذ كان تأليف مصحف عبد الله بن مسعود مغايراً لتأليف مصحف عثمان.