الطريق الأول

(كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني) "أول" بالنصب خبر كان مقدم، ومعبد اسمها مؤخر وفي الكلام مضاف محذوف، أي أول من تكلم في نفي القدر، والقدر بفتح الدال وإسكانها لغتان مشهورتان حكاهما ابن قتيبة عن النسائي يقال: قدرت الشيء وقدرته بتخفيف الدال المفتوحة وتشديدها إذا أحطت بمقداره والمراد هنا تقدير الله للأشياء وعلمه بها أزلا، وبقية الكلام عنه يأتي في فقه الحديث والبصرة مدينة معروفة بالعراق وفي بائها ثلاث لغات، والمشهور الفتح وليس في النسب إليها إلا الفتح والكسر، قال صاحب المطالع: ويقال لها: تدمر والمؤتفكة لأنها ائتفكت بأهلها في أول الدهر، وقوله "بالبصرة" يوحي بأن آخرين سبقوا معبدا بنفي القدر في غير البصرة، وأن معبدا ليس أول المبتدعين لهذه البدعة على الإطلاق، بل هو فقط أول مبتدعها في البصرة، وبهذا قيل، فقد ذهب جماعة إلى أن هذه البدعة الضالة نشأت أول ما نشأت في مكة يوم احترقت الكعبة وابن الزبير محصور في مكة من قبل يزيد، فقال أناس: احترقت بقدر الله تعالى، وقال أناس: لم تحترق بقدر الله فالقيد على هذا بالبصرة للاحتراز وقيل: إن معبدا أول من قالها على الإطلاق، فالقيد للكشف والإيضاح ومعبد الجهني منسوب إلى جهينة، قبيلة من قضاعة نزلت الكوفة وقليل منهم نزل البصرة وكان يجالس الحسن البصري وقتله الحجاج صبرا.

(فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن) أنا تأكيد لضمير الرفع المتصل ليصح العطف عليه.

(حاجين أو معتمرين) في أكثر النسخ بأو على الشك وفي بعض النسخ بالواو الجامعة على أنهما كانا قارنين ويمكن القول بأن أو بمعنى الواو

(فقلنا) القائل أحدهما، ولم يرد في الروايات تعيينه، وعدت موافقة الثاني في حكم القول فأسند إليهما.

(لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال بعضهم: إن "لو" للتمني فلا تحتاج إلى جواب، أي ليتنا نلقى أحدا، وقال بعضهم: هي لو الشرطية أشربت معنى التمني والأصل لو لقينا أحدا فسألناه كان خيرا وقال ابن مالك: هي لو المصدرية أغنت عن فعل التمني والأصل: وددنا لو لقينا فحذف فعل التمني لدلالة "لو" عليه، وليس مرادهما أي واحد من الصحابة بل يقصدان واحدا فقيها عالما بدقائق الدين معتمدا في فتواه.

(فسألناه عما يقول هؤلاء) "فسألناه" معطوف على "لقينا" داخل في حكم التمني كأنهما تمنيا اللقاء والتمكن من السؤال، و"ما" موصولة وعائد الصلة محذوف، وفي الكلام مضاف محذوف والتقدير: فسألناه عن حكم القول الذي يقوله هؤلاء، والمراد حكم الشرع على القائلين به كما يؤخذ من جواب ابن عمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015