-[المعنى العام]-
لا شك أن صلاة الصبح من أفضل الصلوات، تجتمع فيها ملائكة النهار وملائكة الليل فيشهدون للمصلين عند ربهم، ولما كانت ركعتين فقط كانت أقصر فرض في الصلوات الخمس، فكانت راتبتها أحق الرواتب بالاهتمام والمحافظة، يزيدها أهمية أنها فاتحة النهار، ومن خير المسلم أن يفتتح يومه بالتطوع بركعتين. ولذلك واظب عليهما صلى اللَّه عليه وسلم، وكان يقول عنهما: إنهما خير من الدنيا وما فيها من متاع.
وكان صلى اللَّه عليه وسلم يبالغ في تخفيفهما مع إتمام الركوع والسجود إنما كان يخفف القراءة حتى يظن المشاهد أنه يكتفي فيهما بقراءة فاتحة الكتاب، لكنه كان يقرأ بعد الفاتحة سورة قصيرة، {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} أو آيتين قصيرتين. والمتدبر لما واظب عليه من سور أو آيات القرآن في ركعتي الفجر، يجده صلى اللَّه عليه وسلم قد اعتمد السور أو الآيات التي تعتني بالمعبود الواحد الحق، سواء في ذلك السورتان المذكورتان أو الآية 136 من سورة البقرة {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون} والآيتان 52، 53 من سورة آل عمران {فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} أو الآية 64 من سورة آل عمران {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} أعاننا اللَّه على ذكره وشكره وحسن عبادته.
-[المباحث العربية]-
(وبدا الصبح) أي ظهر وتأكد من دخول الوقت.
(هل قرأ فيهما بأم القرآن)؟ في الرواية السابعة "هل يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب"؟ على الاستفهام، وفي رواية "أقول" لم يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب" وليس المراد الشك في قراءته صلى الله عليه وسلم الفاتحة، وإنما معناه أنه كان يطيل في النوافل، فلما خفف في قراءتي ركعتي الفجر صار وكأنه لم يقرأ بالنسبة إلى غيرها من الصلوات.
(لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة) في رواية "أشد تعاهدًا" والتعاهد التعهد، والتعهد بالشيء التحفظ به وتجديد العهد به.
(خير من الدنيا وما فيها) أي وما فيها من متاعها، لئلا يشمل العبادات والطاعات الأخروية.