أن أول من استيقظ أبو بكر، ولم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم حتى أيقظه عمر بالتكبير، وقصة أبي قتادة فيها أن أول من استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، وفي القصتين غير ذلك من وجوه المغايرات، ثم قال: ومما يدل على تعدد القصة اختلاف مواطنها كما قدمنا. ثم قال: وحاول ابن عبد البر الجمع بينهما بأن زمان رجوعهم من خيبر قريب من زمان رجوعهم من الحديبية، وأن اسم طريق مكة يصدق عليهما. ثم قال الحافظ: ولا يخفى ما فيه من التكلف. اهـ.
-[ويؤخذ من الأحاديث]-
1 - قال النووي: يؤخذ من قوله "من نسي صلاة فليصلها" وجوب قضاء الفريضة الفائتة، سواء تركها بعذر، كنوم ونسيان، أم بغير عذر، وإنما قيد في الحديث بالنسيان لخروجه على سبب، لأنه إذا وجب القضاء على المعذور فغيره أولى بالوجوب، وهو من باب التنبية بالأدنى على الأعلى، وشذ بعض أهل الظاهر، فقال: لا يجب قضاء الفائتة بغير عذر، وزعم أنها أعظم من أن يخرج من وبال معصيتها بالقضاء. وهذا خطأ من قائله وجهالة. اهـ والخطأ والجهالة من قائله ناشئان من أنه ظن أن القضاء من غير المعذور يخرج من وبال المعصية، ولا قائل بذلك.
2 - وظاهر قوله: "إذا ذكرها" يفيد وجوب المبادرة وعدم تأخير قضاء الفائتة عن وقت الذكر، لكنه محمول على الاستحباب، ويجوز التأخير عند الجمهور سواء فاتت بعذر أو بدون عذر، وأمره صلى الله عليه وسلم بالارتحال قبل قضاء الفائتة دليل على الجواز، وحكي عن بعضهم أنه يجب قضاؤها على الفور إن فاتت بدون عذر، وما أفاده الارتحال هنا قبل القضاء إنما هو لما فات بعذر، وروي عن ابن وهب وغيره أن تأخير قضاء الفائتة منسوخ بقوله تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، لأن الآية مكية، والحديث مدني، فكيف ينسخ المتقدم المتأخر؟ .
3 - أخذ بعضهم من الأمر بالارتحال قبل قضاء الفائتة أن قضاءها لا يجوز في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وهو غير مسلم، فإن الرواية الثانية تصرح بأن سبب الارتحال البعد عن موضع الغفلة، وعن موضع تغلب فيه الشيطان، بل في الرواية الأولى أنهم لم يستيقظوا حتى ضربتهم الشمس، وفي الرواية الخامسة "فما أيقظنا إلا حر الشمس" وذلك لا يكون إلا بعد أن يذهب وقت الكراهة. قال الحافظ ابن حجر: وقد قيل: إنما أخر النبي صلى الله عليه وسلم لاشتغاله بأحوالهم، وقيل: تحرزًا من العدو، وقيل: انتظارًا لما ينزل عليه من الوحي، وقيل: ليستيقظ من كان نائمًا وينشط من كان في كسل.
4 - استدل بقوله في الرواية السابعة: "لا كفارة لها إلا ذلك" أنه لا يجب غير إعادتها، خلافًا لمن قال بإعادة المقضية مرتين، مرة عند ذكرها، ومرة عند حضور مثلها من الوقت الآتي، أخذًا بظاهر قوله في الرواية الثالثة: "فليصلها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها" وقد بينا المراد بهذه العبارة في المباحث العربية، وقلنا إن المراد فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد قال الحافظ ابن حجر: لكن رواية أبي داود من حديث عمران بن حصين في هذه القصة