-[المعنى العام]-
الصلاة مناجاة بين العبد وربه، وطاعة وتذلل ورجاء ودعاء من المسلم خليق بالقبول من رب كريم سميع الدعاء، والمسلم دائمًا في حاجة إلى عفو ربه إن كان في نعمة فهو في رغبة للمزيد، وإن كان في ضائقة فذو دعاء عريض وقد أعلم الرسول صلى الله عليه وسلم أمته أن يكون هدفهم في دعائهم في الصلاة المنفعة العامة ومصلحة الإسلام والمسلمين، وأن يكون غضبهم ودعاؤهم على أعدائهم أساسه الغضب لله، والدعاء على أعداء الله بغضًا في الله.
في السنة الرابعة من الهجرة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية من سبعين قارئًا للقرآن الكريم ليعلموا المسلمين في نجد، فعدا عليهم قبائل لحيان ورعل وذكوان وعصية فقتلوهم جميعًا، فحزن عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الحزن.
وعلم أن أناسًا من قريش أسلموا فحبسهم أهلهم عن الهجرة وعذبوهم ليرجعوا عن دينهم، وعرضوهم بالإيذاء إلى الموت فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو في الصلوات بعد الرفع من الركوع في الركعة الأخيرة، يدعو ويجهر، ويقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، نجهم من أعدائهم أعداء الإسلام كفار مكة. اللهم العن بني لحيان وبني ذكوان وبني رعل وبني عصية الذين عصوا الله ورسوله وقتلوا قراء المسلمين. وفي نهاية الشهر نزل قوله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} [آل عمران: 128] فترك الأمر لله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وترك الدعاء، صلى الله وسلم وبارك عليه، ورضي عن الصحابة أجمعين.
-[المباحث العربية]-
(القنوت) لفظ مشترك بين معان كثيرة منها الطاعة والقيام والخشوع قال تعالى: {إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا} [النحل: 120] أي طائعًا، وقال: {أمن هو قانت آناء الليل} [الزمر: 9] أي قائم، وقال: {ومن يقنت منكن لله ورسوله} [الأحزاب: 31] وقال: {يا مريم اقنتي لربك} [آل عمران: 43] أي: اخشعي لربك، قال: {وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238] أي: صلوا ساكتين من غير كلام البشر، والمراد منه هنا الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام.
(والمستضعفين من المؤمنين) من ذكر العام بعد الخاص، والمقصود بهم من كان مأسورًا في مكة ممنوعًا من الهجرة، معذبًا من قريش.
(اللهم اشدد وطأتك على مضر) الوطأة بفتح الواو، وإسكان الطاء وبعدها همزة، وهي البأس والشدة.