رابعًا: لا يأثمان، كأن يصلي إلى سترة في غير طريق مشروع ولم يجد المار مندوحة. اهـ.

وظاهر الحديث يدل على منع المرور مطلقًا ولو لم يجد مسلكًا، بل يقف حتى يفرغ المصلي من صلاته، كما في قصة أبي سعيد مما يجعل التقسيم المذكور غير سليم. والله أعلم.

12 - ويؤخذ من الرواية المتممة للعشرين والحادية والعشرين أن مرور المرأة والحمار والكلب بين يدي المصلي يقطع الصلاة وفي الروايات الثانية والعشرين والثالثة والعشرين والخامسة والعشرين والسادسة والعشرين والسابعة والعشرين معارضة لهذا المأخذ.

قال الحافظ ابن حجر: وقد اختلف العلماء في العمل بهذه الأحاديث. فمال الطحاوي وغيره إلى أن حديث أبي ذر وما وافقه منسوخ بحديث عائشة وغيرها، وتعقب بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا علم التاريخ وتعذر الجمع، والتاريخ هنا لم يتحقق والجمع لم يتعذر. ومال الشافعي وغيره إلى تأويل لفظ القطع في حديث أبي ذر بأن المراد به نقص الخشوع، لا الخروج من الصلاة، ويؤيده أن الصحابي راوي الحديث سأل عن الحكمة في التقيد بالأسود، فأجيب بأنه شيطان، وقد علم أن الشيطان لو مر بين يدي المصلي لم تفسد صلاته. وقال بعضهم: حديث أبي ذر مقدم، لأن حديث عائشة على أصل الإباحة. وقال أحمد: يقطع الصلاة الكلب الأسود، وفي النفس من الحمار والمرأة شيء ووجهه ابن دقيق العيد وغيره بأنه لم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه، ووجد في الحمار حديث ابن عباس [الرواية الثانية عشرة والثالثة عشرة] ووجد في المرأة حديث عائشة. اهـ.

ووجه الدلالة من حديث عائشة أن حديث "يقطع الصلاة المرأة ... إلخ" يشمل ما إذا كانت مارة أو قائمة أو قاعدة أو مضطجعة، فلما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى وهي مضطجعة أمامه دل ذلك على نسخ الحكم في المضطجع وفي الباقي بالقياس عليه. قال الحافظ ابن حجر: وهذا يتوقف على إثبات المساواة بين الأمور المذكورة. وقد قال بعضهم: إن الفرق بين المار وبين النائم في القبلة أن المرور حرام بخلاف الاستقرار نائمًا كان أم غيره، فهكذا المرأة يقطع مرورها دون لبثها، فلو ثبت أن حديثها متأخر عن حديث أبي ذر لم يدل إلا على نسخ الاضطجاع فقط.

وقد نازع بعضهم في الاستدلال بحديث عائشة من أوجه أخرى.

أحدها: أن العلة في قطع الصلاة بها ما يحصل من تشويش، وقد قالت إن البيوت يومئذ لم يكن فيها مصابيح، فانتفى المعلول بانتفاء علته.

ثانيها: أن المرأة في حديث أبي ذر مطلقة، وفي حديث عائشة مقيدة بخلاف الزوجة.

ثالثًا: أن حديث عائشة واقعة حال، يتطرق إليها الاحتمال، بخلاف حديث أبي ذر، فإنه مسوق مساق التشريع العام. وقد أشار ابن بطال إلى أن ذلك كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم لأنه كان يقدر أن يملك إربه.

والخلاصة أن الشافعية وعامة أهل العلم يقولون: إن مرور الرجل أو المرأة أو الصبي أو الكافر أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015