المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى، وبسط الذراعين المنهي عنه في السجود هو مد هذين العضوين على الأرض وملاصقتهما لها بطولهما، كهيئة الكلب حين يفرش ذراعيه على الأرض، وكان الظاهر أن يقول، ويبسط أحدكم ذراعيه بسط الكلب - ليكون المفعول المطلق مصدر الفعل المذكور لكنه عبر بلفظ "انبساط" مصدر انبسط، وهذا جائز عند النحاة، وكثير في الكلام العربي، وفي القرآن الكريم {والله أنبتكم من الأرض نباتا} [نوح: 17] و {فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا} [آل عمران: 37]
وفيه يقول النحاة: إنه مصدر لفعل محذوف، والتقدير: ولا يبسط أحدكم ذراعيه فتنبسط انبساط الكلب.
وفي الرواية الثانية "ويتبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب" يقال: تبسط أي اتخذ بساطًا، والمعنى لا يتخذ أحدكم ذراعيه بساطًا، وما قيل في الرواية الأولى يقال في هذه الرواية من حيث الإعراب.
وهل عطف جملة "ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب" على جملة "اعتدلوا في السجود" من قبيل عطف التفسير والبيان على معنى الأمر بالشيء نهي عن ضده، فيكون المراد من الاعتدال في السجود رفع المرفقين عن الأرض والتجنيح الآتي في الروايات الثانية؟ أو هو من قبيل الأمر بأشياء والنهي عن ضد واحد منها لمزيد عناية به، فيكون المراد من الاعتدال في السجود وضع جميع أعضاء السجود في مواضعها المطلوبة؟
الظاهر الأول. واللَّه أعلم.
إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك هذه الرواية تبين المراد من بسط الذراعين المنهي عنه، وذلك بوضع الكفين على الأرض وسيأتي في الروايات اللاحقة زيادة إيضاح.
فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه أي باعد كل يد عن الجنب الذي يليها حتى ينكشف الإبط، وتنفرج زاوية اتصال اليد بالجسم، وحين تلتصق اليد بالجسم يظلم الإبط، وحين تنفرج وتبتعد يبدو الإبط غير مظلم ولو كان لابسًا ثوبًا غير أبيض.
(إذا سجد يجنح في سجوده حتى يرى وضح إبطيه) "يجنح" بضم الياء وفتح الجيم وكسر النون المشددة، أي يفرج بين يديه ويجعلهما كجناحي الطائر المبسوطين، ووضح الصبح بياضه، فوضح إبطيه بمعنى بياض إبطيه.
(إذا سجد لو شاءت بهمة أن تمر بين يديه لمرت) قال أهل اللغة: البهمة واحدة البهم، وهي أولاد الغنم من الذكور والإناث، والسخلة بنت الماعز، والمقصود بهذا الفرض والتصوير إبراز التفريج بين اليدين وبين الجنبين.