(يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة) الجملة في محل رفع صفة أقوام.
(أو لتخطفن أبصارهم) قال الطيبي: كلمة "أو" هنا للتخيير تهديدا وهو خبر في معنى الأمر، أي ليكونن منكم الانتهاء عن رفع البصر، أو خطف الأبصار عند الرفع. اهـ.
-[فقه الحديث]-
ظاهر الرواية الأولى النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة مطلقا سواء أثناء الدعاء فيها أم في غير حال الدعاء، فإن حملنا المطلق على المقيد كان المقصود من الحديث النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة أثناء الدعاء فقط، وبهذا قال جماعة وحكمه عند الجمهور الكراهة.
وإن أبقينا المطلق على إطلاقه، والمقيد على تقييده، دل على أن رفع البصر إلى السماء في الصلاة مطلقا منهيا عنه، وقد نقل الإجماع على ذلك، قال ابن التين: أجمع العلماء على كراهة النظر إلى السماء في الصلاة لهذا الحديث وقال القاضي عياض: رفع البصر إلى السماء في الصلاة فيه نوع إعراض عن القبلة وخروج عن هيئة الصلاة. اهـ.
وذهب ابن حزم إلى أنه لا يحل ذلك، بل يحرم لما ورد من النهي الأكيد والوعيد الشديد، وذلك يقتضي أن يكون حراما، وبه قال قوم من السلف، بل بالغ ابن حزم فقال: تفسد صلاته.
وقال الزين ابن المنير: نظر المأموم إلى الإمام من مقاصد الائتمام فإذا تمكن من مراقبته بغير التفات كان ذلك من إصلاحه صلاته.
وقال ابن بطال: يرى مالك أن نظر المصلي يكون إلى جهة القبلة.
وقال الشافعي والكوفيون: يستحب له أن ينظر إلى موضع سجوده، لأنه أقرب للخشوع.
قال الحافظ ابن حجر: ويمكن أن يفرق بين الإمام والمأموم فيستحب للإمام النظر إلى موضع السجود، وكذا المأموم إلا حيث يحتاج إلى مراقبة إمامه، وأما المنفرد فحكمه حكم الإمام. اهـ.
أما إذا غمض عينيه في الصلاة، فقد قال الطحاوي: كرهه أصحابنا وقال مالك: لا بأس به في الفريضة والنافلة، وقال النووي: المختار أنه لا يكره إذا لم يخف ضررا، لأنه يجمع الخشوع، ويمنع من إرسال البصر وتفريق الذهن. اهـ.
أما رفع البصر إلى السماء في الدعاء في غير الصلاة فقد كرهه شريح وطائفة، فقد قال شريح لرجل رآه يرفع بصره ويده إلى السماء: اكفف يدك واخفض بصرك، فإنك لن تراه ولن نناله.
والجمهور على جوازه، لأن السماء قبلة الدعاء، كما أن الكعبة قبلة الصلاة.
والله أعلم