التصريح على الصحيح، فقد روى البخاري "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" كان يسأل في مرضه الذي مات فيه، يقول: أين أنا غدا؟ أين أنا غدا؟ يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء "وروى ابن سعد" أن فاطمة هي التي خاطبت أمهات المؤمنين بذلك، فقالت لهن: إنه يشق عليه الاختلاف "نعم جاء عند أحمد" أنه صلى الله عليه وسلم قال لنسائه: إني لا أستطيع أن أدور ببيوتكن، فإذا شئتن أذنتن لي" وكان هذا الاستئذان قبل موته صلى الله عليه وسلم بسبعة أيام، فعند ابن أبي مليكة عن عائشة "أن دخوله في بيتها كان يوم الإثنين، ومات يوم الإثنين الذي يليه".
(وأذن له) بكسر الذال وتشديد النون المفتوحة أي أذن الأزواج له.
(وهو يخط برجليه في الأرض) كناية عن الضعف وعدم اعتماده على رجليه وتحامله على الرجلين، أي يجرهما في الأرض لدرجة أنهما يجعلان فيها خطا.
(واشتد به وجعه) أي مرضه، والعرب تسمي كل مرض وجعا. قاله القاضي عياض.
(لقد راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك) أي في أمر استخلاف أبي بكر للصلاة بالناس.
(فأردت أن يعدل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر) كذا ضبطتها النسخة التي بيدي، "رسول" بالرفع، والمعنى عليها فأردت أن يعدل رسول الله الإمامة عن أبي بكر، أي أن يحولها عنه، والإشارة لأمر الإمامة، ولو أن لفظ "رسول الله" بالنصب تكون الإشارة لتوقف عائشة ومراجعتها.
(مروا أبا بكر فليصل بالناس) "مروا" أصله اؤمرو، لأنه من أمر فحذفت الهمزة للاستثقال، واستغنى عن الألف، فحذفت، فبقي مروا، على وزن علوا، لأن المحذوف فاء الكلمة.
(فلو أمرت غير أبي بكر) "لو" للعرض، أي الطلب برفق أو للتمني أي ليتك تأمر غير أبي بكر، أو للشرط، وجوابها محذوف أي لو أمرت غير أبي بكر كان خيرا.
(والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس) "ما" نافية، و"بي" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، و"كراهية تشاؤم الناس" مبتدأ مؤخر.
(فراجعته مرتين أو ثلاثا) شك من عائشة في عدد مراجعتها وظاهر روايتنا أن المراجعة كانت مرتين، مرة بنفسها، ومرة بواسطة حفصة، لكن في البخاري "وأعاد فأعادوا له، فأعاد الثالثة فقال: إنكن صواحب يوسف" مما ظاهره أن المراجعة بلغت ثلاثا.
(فإنكن صواحب يوسف) أي مثل صواحب يوسف، ففي الكلام تشبيه بليغ، وصواحب يوسف جمع صاحبة، والخطاب إن كان لعائشة وحفصة باعتبار أن أقل الجمع اثنان، أو كان لهما وللحاضرات باعتبار موافقتهن فظاهر، وإن كان لعائشة وحدها فهو من قبيل خطاب الجماعة وإرادة الواحد، تخفيفا عليه في الزجر، كما أن "صواحب" صيغة جمع والمراد بها زليخا فقط، ووجه المشابهة بينهما في ذلك أن زليخا استدعت النسوة وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة ومرادها زيادة