و"آل" قيل: أصلها "أهل" قلبت الهاء همزة، ثم سهلت، ولهذا إذا صغر رد إلى الأصل، فقيل: أهيل.
وقيل: بل أصله "أول" من "آل" بمعنى رجع، سمي بذلك من يئول إلى الشخص، ويضاف إليه، وقد يطلق آل فلان على نفسه وعلى من يضاف إليه جميعا، وضابطه أنه إذا قيل: فعل آل فلان كذا دخل هو فيهم إلا بقرينة، ومن شواهده قوله صلى الله عليه وسلم "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة" وإن ذكروا معا فلا، ومنه رواية "إن هذه الصدقة أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا آل محمد" واختلف في المراد بآل محمد صلى الله عليه وسلم في حديث الباب، والراجح أنهم من حرمت عليهم الصدقة، وهم بنو هاشم وبنو المطلب على أرجح أقوال العلماء، وهذا ما نص عليه الشافعي، واختاره الجمهور وقيل: المراد بآل محمد أزواجه وذريته، ويساعده أن الرواية الأولى والثانية لفظها "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد" وفي الرواية الثالثة لفظها "اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته" فدل على أن المراد بالآل الأزواج والذرية، وتعقب بأنه ثبت الجمع بين الثلاثة، فالمراد بالآل في التشهد من حرمت عليهم الصدقة والأزواج والذرية منه، وأفردوا بالذكر تنويها بشأنهم وقيل: المراد بالآل الذرية، أي فاطمة خاصة وذريتها، حكاه النووي، وهو قول يميل نحو التشيع، وقيل: جميع أمة الإجابة، وقد مال إلى ذلك مالك واختاره الأزهري وحكي عن بعض الشافعية، ورجحه النووي في شرح مسلم، وقيده القاضي حسين والراغب بالأتقياء منهم. والله أعلم.
(كما صليت على آل إبراهيم) جميع روايات الباب، كما صليت على آل إبراهيم، بذكر الآل. وقد سبق القول: أن آل فلان يطلق على نفسه وعلى من يضاف إليه، فالمراد إبراهيم وآله، أي ذريته من إسماعيل وإسحق، أي المسلمون منهم، بل المتقون، فيدخل فيهم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، دون من عداهم، وفيه ما تقدم في آل محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن حجر: اشتهر السؤال عن موقع التشبيه مع أن المقرر أن المشبه دون المشبه به، والواقع هنا عكسه، لأن محمدا صلى الله عليه وسلم وحده أفضل من آل إبراهيم، ومن إبراهيم، ولا سيما وقد أضيف إليه آل محمد، وقضية كونه أفضل أن تكون الصلاة المطلوبة أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل لغيره، وأجيب عن ذلك بأجوبة.
الأول: أنه قال ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم، وتعقب بأنه لو كان كذلك لغير لهم صفة الصلاة المطلوبة بعد أن علم أنه أفضل.
الثاني: أنه قال ذلك تواضعا، وشرع ذلك لأمته ليكتسبوا بذلك الفضيلة.
الثالث: أن التشبيه إنما هو لأصل الصلاة، لا للقدر بالقدر فهو كقوله تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح} [النساء: 163]، وقوله {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} [البقرة: 183] وكقولك: أحسن إلى ولدك كما أحسنت إلى فلان، تريد بذلك أصل الإحسان، لا قدره. ورجح هذا الجواب القرطبي.
الرابع: أن المراد أن يجعله خليلا، كما جعل إبراهيم خليلا، وأن يجعل له لسان صدق في الآخرين