رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب، فأخذ بيدي فمشيت معه حتى قعد، فانسللت" أي ذهبت خفية. وفي رواية البخاري "فانخنست، أي مضيت عنه مستخفيا، ولذلك وصف الشيطان بالخناس وروي "فانبجست" أي جريت واندفعت، وروي "فانبخست" من البخس وهو النقص، أي اعتقدت نقصان نفسي، قال الحافظ ابن حجر: وقد نقل الشراح فيها ألفاظا مختلفة مما صحفه بعض الرواة، لا معنى للتشاغل بذكرها.
(فذهب) إلى رحله، كما بينته رواية البخاري "فانسللت فأتيت الرحل فاغتسلت".
(سبحان الله) مصدر منصوب بفعله المحذوف، وهذه الكلمة تقال في مثل هذا الموضع للتعجب، وكذا "لا إله إلا الله" ومعنى التعجب هنا: كيف يخفى عليك مثل هذا الظاهر الذي لا يحتاج الإنسان في فهمه إلى فكر؟
(إن المؤمن لا ينجس) لغتان في الماضي والمضارع يقال نجس بضم الجيم فيها من باب كرم، وبكسر الجيم في الماضي وفتحها في المضارع من باب سمع.
(فحاد عنه) أي مال وعدل عنه.
-[فقه الحديث]-
قال الإمام النووي: هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حيا وميتا، فأما الحي فطاهر بإجماع المسلمين، حتى الجنين إذا ألقته أمه وعليه رطوبة فرجها، قال أصحابنا: هو طاهر بإجماع المسلمين. قال: ولا يجيء فيه الخلاف المعروف في نجاسة رطوبة فرج المرأة، ولا الخلاف المذكور في كتب أصحابنا في نجاسة ظاهر بيض الدجاج ونحوه.
هذا حكم المسلم الحي، وأما الميت ففيه خلاف للعلماء، وللشافعي فيه قولان الصحيح منهما أنه طاهر، ولهذا غسل، ولقوله صلى الله عليه وسلم "إن المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا" هذا حكم المسلم.
وأما الكافر فحكمه في الطهارة والنجاسة حكم المسلم. هذا مذهبنا ومذهب الجماهير من السلف والخلف، وأما قول الله عز وجل {إنما المشركون نجس} [التوبة: 28] فالمراد نجاسة الاعتقاد والاستقذار، وليس المراد أن أعضاءهم نجسة كنجاسة البول والغائط ونحوهما، فإذا ثبتت طهارة الآدمي مسلما كان أو كافرا فعرقه ولعابه ودمعه طاهرات، سواء كان محدثا أو جنبا أو حائضا أو نفساء، وهذا كله بإجماع المسلمين، وكذلك الصبيان، أبدانهم وثيابهم ولعابهم محمولة على الطهارة حتى تتيقن النجاسة، فتجوز الصلاة في ثيابهم، والأكل معهم من المائعات إذا غمسوا أيديهم فيها، ودلائل هذا كله من السنة والإجماع مشهورة. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر: تمسك بعض أهل الظاهر بمفهوم قوله "المؤمن لا ينجس" فقال: إن