الْحَدِيثَ.
بَلْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ شَيْخِهِ بِالْمُكَاتَبَةِ حَيْثُ قَالَ فِي (بَابٍ إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا) فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ: كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. وَذَكَرَ حَدِيثًا لِلشَّعْبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ، وَلَمْ يَقَعْ لَهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ مَشَايِخِهِ سِوَاهُ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ بِخُصُوصِهِ، فَرَوَاهُ عَنْهُ بِالْمُكَاتَبَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ فِي صَحِيحِهِ بِالسَّمَاعِ، وَكَذَا رَوَى بِهَا أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ فَقَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ أَبُو عَمَّارٍ الْمَرْوَزِيُّ. فَذَكَرَ حَدِيثًا.
[يُكْتَفَى مَعْرِفَةُ الْمَكْتُوبِ لَهُ خَطَّ الْكَاتِبِ فِي الْمُكَاتَبَةِ] :
(وَيُكْتَفَى) فِي الرِّوَايَةِ بِالْكِتَابَةِ (أَنْ يَعْرِفَ الْمَكْتُوبُ لَهُ) بِنَفْسِهِ، وَكَذَا - فِيمَا يَظْهَرُ - بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ مُعْتَمَدٍ، (خَطَّ) الْكَاتِبِ (الَّذِي كَاتَبَهُ) وَإِنْ لَمْ تَقُمِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْكَاتِبِ بِرُؤْيَتِهِ وَهُوَ يَكْتُبُ ذَلِكَ، أَوْ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّهُ، أَوْ بِمَعْرَفَةِ أَنَّهُ خَطُّهُ لِلتَّوَسُّعِ فِي الرِّوَايَةِ.
(وَأَبْطَلَهُ قَوْمٌ) فَلَمْ يُجَوِّزُوا الِاعْتِمَادَ عَلَى الْخَطِّ، وَاشْتَرَطُوا الْبَيِّنَةَ بِالرُّؤْيَةِ أَوِ الْإِقْرَارِ، (لِلِاشْتِبَاهِ) فِي الْخُطُوطِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُ الْكَاتِبَيْنِ عَنِ الْآخَرِ، وَمِنْهُمُ الْغَزَالِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي (الْمُسْتَصْفَى) : إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ ; لِأَنَّ رِوَايَتَهُ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَالَهُ، وَالْخَطُّ لَا يَعْرِفُهُ. يَعْنِي جَزْمًا. وَ (لَكِنْ رَدَّا) هَذَا، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّهُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ (لِنُدْرَةِ اللَّبْسِ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ خَطَّ الْإِنْسَانِ لَا يَشْتَبِهُ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَقَعُ فِيهِ إِلْبَاسٌ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: ذَهَبَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرُهُمْ