ذَهَبَ إِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ السَّمَاعِ وَعَرْضِ الْمُنَاوَلَةِ أَحْمَدُ، فَرَوَى الْخَطِيبُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ الْمَرُوَّذِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَعْطَيْتُكَ كِتَابِي وَقُلْتُ لَكَ: ارْوِهِ عَنِّي وَهُوَ مِنْ حَدِيثِي، فَمَا تُبَالِي أَسَمِعْتَهُ أَوْ لَمْ تَسْمَعْهُ، وَأَعْطَانِي أَنَا وَأَبَا طَالِبٍ الْمُسْنَدَ مُنَاوَلَةً، وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي الْيَمَانِ: قَالَ لِي أَحْمَدُ: كَيْفَ تُحَدِّثُ عَنْ شُعَيْبٍ؟ فَقُلْتُ: بَعْضُهَا قِرَاءَةً، وَبَعْضُهَا أَنَا، وَبَعْضُهَا مُنَاوَلَةً، فَقَالَ: قُلْ فِي كُلٍّ: أَنَا. وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي التَّرْجَمَةِ الْآتِيَةِ.
وَعَنِ ابْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ: الْإِجَازَةُ وَالْمُنَاوَلَةُ عِنْدِي كَالسَّمَاعِ الصَّحِيحِ، بَلْ أَعْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِالِاسْتِوَاءِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي مُقَدِّمَةِ جَامِعِ الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُنَاوَلَةَ أَوْفَى مِنَ السَّمَاعِ، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا أَسْنَدَهُ عِيَاضٌ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَلَّمَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَكَتَبْتُ لَهُ أَحَادِيثَ ابْنِ شِهَابٍ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: فَسَمِعَهَا مِنْكَ؟ قَالَ: كَانَ أَفْقَهَ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي لَفْظٍ: بَلْ أَخَذَهَا عَنِّي وَحَدَّثَ بِهَا، فَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ عَقِبَهُ: وَهَذَا بَيِّنٌ ; لِأَنَّ الثِّقَةَ بِكِتَابِهِ مَعَ إِذْنِهِ أَكْثَرُ مِنَ الثِّقَةِ بِالسَّمَاعِ وَأَثْبَتُ ; لِمَا يَدْخُلُ مِنَ الْوَهْمِ عَلَى السَّامِعِ وَالْمُسْمِعِ.
(وَ) لَكِنْ (قَدْ أَبَى الْمُفْتُونَ) ، جَمْعُ مُفْتٍ ; اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَفْتَى، فَلَمَّا جُمِعَ جَمْعَ