أَوْ لِاشْتِمَالِ كُلٍّ مِنَ الْقِسْمَيْنِ عَلَى فَاضِلٍ وَمَفْضُولٍ [إِذْ أَوَّلُ أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ] أَعْلَى مِنْ ثَانِي نَوْعَيِ الْمُنَاوَلَةِ، فَلَمْ يَنْحَصِرْ لِذَلِكَ التَّقْدِيمُ فِي وَاحِدٍ، وَحِينَئِذٍ فَقُدِّمَتْ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ حَيْثُ تَرْجَمَ لَهُ فِي الْعِلْمِ مِنْ صَحِيحِهِ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا، وَقَالَ لَهُ: (( «لَا تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا)) ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، وَعَزَى الْبُخَارِيُّ الِاحْتِجَاجَ بِهِ لِبَعْضِ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَهَذَا قَدْ أَوْرَدَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي، فَقَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ إِلَى نَخْلَةَ، فَقَالَ لَهُ: (( «كُنْ بِهَا حَتَّى تَأْتِيَنَا بِخَبَرٍ مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ» )) ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِقِتَالٍ، وَذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنْ يَسِيرَ، فَقَالَ: (( «اخْرُجْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ حَتَّى إِذَا سِرْتَ يَوْمَيْنِ فَافْتَحْ كِتَابَكَ، وَانْظُرْ فِيهِ، فَمَا أَمَرْتُكَ بِهِ فَامْضِ لَهُ، وَلَا تَسْتَكْرِهَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ عَلَى الذَّهَابِ مَعَكَ» )) ، فَلَمَّا سَارَ يَوْمَيْنِ فَتَحَ الْكِتَابَ، فَإِذَا فِيهِ: (( «أَنِ امْضِ حَتَّى تَنْزِلَ نَخْلَةً فَتَأْتِيَنَا مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ» )) .

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ، قَدْ صَرَّحَ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالتَّحْدِيثِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، فَقَدْ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ أَيْضًا عَنْ عُرْوَةَ، بَلْ رُوِّينَاهُ مُتَّصِلًا فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ، وَالْمُدْخَلِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي السَّوَّارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015