صَاحِبُهُ الْخَطِيبُ عَنْهَا، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إِجَازَةٌ لِمَجْهُولٍ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَجَزْتُ لِبَعْضِ النَّاسِ، قَالَ: وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، يَعْنِي الْمُجِيزَيْنِ وَالْمُبْطِلَ، كَانُوا مَشَايِخَ مَذَاهِبِهِمْ بِبَغَدَادَ إِذْ ذَاكَ، وَكَذَا مَنَعَهَا الْمَاوَرْدِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ، وَقَالَ: لِأَنَّهُ تَحَمُّلٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِ الْمُتَحَمِّلِ.
قَالَ الْخَطِيبُ: وَلَعَلَّ مَنْ مَنَعَ صِحَّتَهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالْوَكَالَةِ ; فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ: وَكَّلْتُكَ إِذْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، لَمْ يَصِحْ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَكَذَلِكَ إِذَا عَلَّقَ الْإِجَازَةَ بِمَشِيئَةِ فُلَانٍ، يَعْنِي: الْمُعَيَّنِ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ يُعَلَّلُ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا فِيهَا مِنَ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ ; فَإِنَّ مَا يَفْسَدُ [بِالْجَهَالَةِ يَفْسَدُ] بِالتَّعْلِيقِ عَلَى مَا عُرِفَ عِنْدَ قَوْمٍ.
(قُلْتُ) : وَلَكِنْ قَدْ (وَجَدْتُ) الْحَافِظَ (ابْنَ أَبِي خَيْثَمَةَ) أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ (أَجَازَ) بِكَيْفِيَّتِهِ (كَالثَّانِيَةِ الْمُبْهَمَةِ) فِي الْمُجَازِ فَقَطْ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا كَتَبَهُ بِخَطِّهِ: أَجَزْتُ لِأَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ مَسْلَمَةَ أَنْ يَرْوِيَ عَنِّي مَا أَحَبَّ مِنْ تَأْرِيخِي الَّذِي سَمِعَهُ مِنِّي أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ الْأَصْبَغِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، كَمَا سَمِعَاهُ مِنِّي، وَأَذِنْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلِمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَصْحَابِهِ،