بِأَنَّهُ مَا مِنْ إِسْنَادٍ إِلَّا وَفِي رُوَاتِهِ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى مَا فِي كِتَابِهِ عَرِيًّا عَنِ الضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ - كَمَا قَالَ شَيْخُنَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ التَّنْبِيهَاتِ الَّتِي بِآخِرِ الْمَقْلُوبِ - الْقَوْلُ بِذَلِكَ فِي التَّضْعِيفِ أَيْضًا، وَلَكِنْ لَمْ يُوَافِقِ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ حُكْمًا وَدَلِيلًا.
أَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ صَحَّحَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُعَاصِرِينَ لَهُ ; كَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْقَطَّانِ مُصَنِّفِ " الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ " وَالضِّيَاءِ الْمَقْدِسِيِّ صَاحِبِ " الْمُخْتَارَةِ "، وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ بَعْدَهُ كَالزَّكِيِّ الْمُنْذِرِيِّ، وَالدِّمْيَاطِيِّ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ إِلَى شَيْخِنَا، وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ بَعْدَهُ.
(وَقَالَ) الشَّيْخُ أَبُو زَكَرِيَّا (يَحْيَى) النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْأَظْهَرُ عِنْدِي جَوَازُهُ وَهُوَ (مُمْكِنٌ) لِمَنْ تَمَكَّنَ وَقَوِيَتْ مَعْرِفَتُهُ لِتَيَسُّرِ طُرُقِهِ.
وَأَمَّا الدَّلِيلُ فَالْخَلَلُ الْوَاقِعُ فِي الْأَسَانِيدِ الْمُتَأَخِّرَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الرُّوَاةِ ; لِعَدَمِ الضَّبْطِ وَالْمَعْرِفَةِ بِهَذَا الْعِلْمِ، وَهُوَ فِي الضَّبْطِ مُنْجَبِرٌ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عَنْهُمْ، كَمَا أَنَّهُمُ اكْتَفَوْا بِقَوْلِ بَعْضِ الْحُفَّاظِ فِيمَا عَنْعَنَهُ الْمُدَلِّسُ: هَذَا الْحَدِيثُ سَمِعَهُ هَذَا الْمُدَلِّسُ مِنْ شَيْخِهِ، وَحَكَمُوا لِذَلِكَ بِالِاتِّصَالِ.
وَفِي عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ