وَحِينَئِذٍ (فَلَقَدْ آلَ السَّمَاعُ) الْآنَ (لِتَسَلْسُلِ السَّنَدْ) أَيْ: بَقَاءِ سِلْسِلَتِهِ بِحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا ; لِتَبْقَى هَذِهِ الْكَرَامَةُ الَّتِي خُصَّتْ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ شَرَفًا لِنَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي الَّذِي لَمْ يَقَعِ التَّبْدِيلُ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ إِلَّا بِانْقِطَاعِهِ.
قُلْتُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ أَوَّلًا مَعْرِفَةَ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ، وَتَفَاوُتِ الْمَقَامَاتِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ ; لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إِلَى التَّصْحِيحِ وَالتَّحْسِينِ وَالتَّضْعِيفِ، حَصَلَ التَّشَدُّدُ بِمَجْمُوعِ تِلْكَ الصِّفَاتِ، وَلَمَّا كَانَ الْغَرَضُ آخِرًا الِاقْتِصَارَ فِي التَّحْصِيلِ عَلَى مُجَرَّدِ وُجُودِ السِّلْسِلَةِ السَّنَدِيَّةِ اكْتَفَوْا بِمَا تَرَى.
وَلَكِنَّ ذَاكَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْغَالِبِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُوجَدُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ نَمَطِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ التَّسَاهُلُ إِلَى هَذَا الْحَدِّ فِي الْمُتَقَدِّمِينَ قَلِيلًا.
وَقَدْ سَبَقَ الْبَيْهَقِيَّ إِلَى قَوْلِهِ شَيْخُهُ الْحَاكِمُ، وَنَحْوُهُ عَنِ السِّلَفِيِّ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ، بَلْ حَصَلَ التَّوَسُّعُ فِيهِ أَيْضًا إِلَى مَا وَرَاءَ هَذَا، كَقِرَاءَةِ غَيْرِ الْمَاهِرِ فِي غَيْرِ أَصْلٍ مُقَابَلٍ، بِحَيْثُ كَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِإِنْكَارِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ.
326 - وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ قَدْ هَذَّبَهُ ... ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ إِذْ رَتَّبَهُ
327 - وَالشَّيْخُ زَادَ فِيهِمَا وَزِدْتُ ... مَا فِي كَلَامِ أَهْلِهِ وَجَدْتُ